رق الحبيب

( اي بهجة في كل هذا البؤس والغرابة والجنون؟)

وردت هذه العبارة في قصة من عدة قصص قصيرة فكان هذا المزيج من البهجة والبؤس والغرابة والجنون الذي اطربنا به الكاتب الرائع والطبيب الرقيق د. محمد المخزنجي بالعزف على كل ما هو انساني

وصف كل شيء بشاعرية بارعة الجمال وكلمات رشيقة خفيفة.. وصف كل شيء.. الحب.. الشوق.. الغضب.. . المرض..البكتيريا.. الاب.. العائلة.. اللقاء.. الذكريات السرطان.. الالم . ..الوداع.. العمى... .. الام.. الاخت.. الجنون .. المجتمع... الشوارع..الاشجار..الطفولة. . النفس... السجن ..الحرب.. الحرير.. كل هذا في

قصص قصيرة في بضع صفحات.. لكن كل قصة منهم عالم منفرد وحياة متكاملة تعيش تفاصيلها وكانك تقرا رواية طويلة.. تود لو تكتب مراجعة منفصلة لكل قصة.. تربط كل هذه القصص هذا المزيج من البهجة والبؤس.. فترى قلبك يضحك في طفولة عذبة ويبكي في مرارة حزينة.. تماما كما فعل الطبيب الشاب في احدى القصص عندما كان يجري في الحديقة يضحك ويبكي... وكما فعل (قصب) وهو يغني اغنية واحدة لربع قرن من الزمن ولكن كل يوم بلون مختلف مابين البهجة والبؤس... وكما رقص الضرير فرحا.. وكما وقفت بائعة الحرير تحكي بهجة الالوان وبداخلها مرارة الفقد... وكما تفعل فينا الحياة حين تضحكنا وتبكينا.. هذه هي الحياة..اذا فهذه القصص هي الحياة .

استمتعت كثيرا باللغة الرقيقة البسيطة المعبرة جدا والاسلوب الراقي الرائق واستمتعت بالتفاصيل التي تقول الكثير جدا في صفحات قليلة

هذه المرة الاولى التي اقرا فيها للكاتب كتابا ( اسائل نفسي اين كان كل هذا الجمال غائبا عني) .. ولكني اتابع منذ فترة طويلة مقالاته على الفيس بوك عن عالم الحيوان.. واني لدي اعتقاد بان المتأمل في الحيوانات واحوالها لديه قلب رقيق وروح طفل وعقل حكيم...فكان لدي فضول ان اتعرف على قصصه.. وقد كان فعلا.. فهذا كاتب يملك في مجموعته القصصية تلك قلب رقيق وروح طفل وعقل حكيم.. وكان ان استحقت مجموعته القصصية عنوان رق الحبيب... لانك حين تقرؤها يرق قلبك.. وتسمع رائعة ام كلثوم رق الحبيب تعزف بكل بهجتها وشجنها على اوتار نفسك...