"لا، لا يحيا من لا تجربة له. نقيض الحياة ليس الموت، ونقيض الموت ليس الحياة. الشيئان لا يتعارضان إلا بواسطة شيء ملموس جداً، حقيقي جداً…التجربة. لا يحيا من لا تجربة له. شعور القيمة يتفتح كزهرة من خلال التجربة وحدها. وكيف يجرب الحياة من تآلف مع القفص؟" - ثوب أزرق بمقاس واحد للكاتبة والناقدة الكردية هيڤا نبي 🇸🇾

فاجأتني هذه الرواية كثيراً، ليس لأسلوبها أو مضمونها، بل لقدرة المؤلفة على الغوص في لجج نفسية بالغة الممانعة والعودة منها بدرر لا يمكن لها أن تنتظم في عقد، هي هدية التجربة: هنا، صيّرت هيڤا نبي تيار الوعي تياراً محملاً بطاقة الحياة ذاتها والرغبة في التحرر من آلامها في ذات الوقت. العديد من المَحاجات الداخلية في هذه الرواية تليق بمُعجم جديد لجانب آخر من النسوية قد يراه البعض مرادفاً لقلة الحيلة، وأراه مساوياً للقدرة على 'العبور' عبر برزخ الصدق والخوف والألم. الرواية، إذن، أنشودة تحمل جميع أبجديات الانفجار.

يبتعد الكتاب عن زُخرف التوشية والتحلية، فيعتمد لغة مباشرة تتناسب مع الأجواء النفسية للرواية وتعزز طاقة السرد، كما أن هيڤا نبي قد نجحت -عمداً أو دون قصد- في تشويش الوعي بالزمن في هذا العمل، فكأنما معاناة بطلتها هي حالة آنية مستديمة ودائمة الحضور، تماماً كطغيان الأمراض العضال المزمنة. كذلك، فقد اختزلت المكان في شقة تبدو وكأنها معلقة في الفراغ، تكاد لا يحيط بها شيئا ولا تتسع هي لهواجس المرأة الهاجعة بين حيطانها وشرفتها التي لا تعِد سوى بخلاص باهظ الثمن.

استشعرت في هذا العمل بعضاً من روح ڤيرچينيا وولف، ليس نسخاً أو اقتباساً، بل ظرفاً إنسانياً قضيت معه ساعات في قراءة بالقلب قبل العين.

#Camel_bookreviews