رواية من نوعية الخيال العلمي، وهو نوع من الأدب تفتقر اليه الكتابات العربية مقارنة بكم الأعمال الرومانسية، الاجتماعية، والسياسية التي تحتكر غالبية الانتاج العربي، يمكن لأن التكنولوجيا والعلم ليست ملعب العرب مع أن علومنا العربية وعلمائنا العرب كان لهم السبق في وضع حجر الأساس لما قامت عليه النهضة الغربية، لكن هذا موضوع آخر ليس له مقام هنا...
الرواية تتناول الزيادة السكانية المطردة للعالم كمحرك رئيسي للأحداث، وهو أحد المواضيع التي لقيت اهتماما مؤخرا مع نظريات المؤامرة التي احاطت وباء كورونا كوسيلة لخفض عدد السكان العالم، فمن المؤكد ان الارض لها طاقة قصوى لعدد البشر وان التزايد المتسارع في السكان يقربنا من هذا الرقم كل عام اسرع من الذي قبله، ولكن ما هو هذا العدد؟ وما دور التقدم التكنولوجي في تغيير هذا الرقم؟ اجابات تحتاج الى دراسات متعمقة وليست سهلة بالمرة.
لكن ما نراه هو وجود توزيع غير عادل لموارد الأرض بين الشعوب، فبعض الدول تعيش في ترف وفائض اتتاجي والبعض الآخر يعيش في عوز و مجاعة، وتأتي الرواية هنا بتجربة اسمها 'كون ٢٥' اجريت على مجموعة من الفئران لتثبت ان حتى في وفرة الموارد سيتجه المجتمع الى الصراع والانقسام، مما شجع مجموعة من البراجماتيين الى تأسيس جماعة اسمها 'ملائكة الموت الأسود' هدفها تقليص وتحديد عدد سكان العالم. يأتي دور بطل الرواية هنا كطبيب نفسي شارك في تجربة علمية شديدة السرية هدفها انقاذ البشرية من التهديدات الوشيكة للبكتيريا الخارقة التي اكتسبت مناعة ولا تستجيب للمضادات الحيوية، ولكن لجماعة الموت الأسود اهداف أخرى من هذه التجربة.
يدخل نور (البطل) في مغامرة سريعة الاحداث، ليجد نفسه في موضع منقذ البشرية، وبالتالي العدو الأول لجماعة الموت الأسود.
لن أظلم العمل بتقييمه مقارنة بالأعمال الغربية، ولكن امتدح وأشجع المزيد من هذه الأعمال، فهي صعبة التكوين وتحتاج الى كم هائل من البحث، وفي نفس الوقت تحتاج الى تبسيط كثير لتلائم اكبر عدد من القراء بدون خلفية علمية في مستوى القارئ الغربي.
لكن لدي بعض الملحوظات على نسيج القصة، مثلا ليس من المنطقي أن يترك الروس غابرييل يرحل وهو يحمل في دماءه بذرة دمار البشرية، وايضا ان كانت الجماعة مخترقة ومتوغلة في صفوف الجيش الروسي لم تركوا غابرييل يفلت من تحت أيديهم ليتكبلو كل هذا العناء من أجل اصطياده مرة أخرى؟ الملحوظة الأخيرة أن النهاية بالنسبة لي انتقصت من القصة، فالصفحات الأخيرة التي شهدت اعلان نور عن الرأس الحقيقية للمنظمة كانت بلا داعي، لو كانت النهاية بدونها كانت ستعجبني أكثر.
تقييمي النهائي ٣ نجوم كعمل عربي في مجال يحتاج الى مزيد من الإثراء، بدون مقارنة مع الأعمال الغربية.
قرأته ضمن تحدي 'أبجد' للقراءة
محمد متولي