سيرة ذاتية جريئة، ولا أجد أكثر من هذه الكلمة تعبيراً يصفها، إذ يكتب جلال أمين بجرأة، دون خوف أو تردد أو خجل، ويقول عن هذا أنه "يفتح للقارئ صندوقاً مليئاً بالأسرار"، يكتب عن نفسه، وعن أمه وأبيه وأخوته فيذكر العيوب والمساوئ، ويروي أخباراً وأحداث يعجب منها القارئ حيناً ويستنكر حيناً آخر.

سيرة خاض صاحبها الكثير من التجارب الفكرية والحياتية، اجتمع بميشيل عفلق مؤسس حزب البعث وكان - جلال أمين - من أعضاء حزب البعث في مصر ثم أصبح المسؤول عن الحزب، وتركه بعد ثلاث سنوات، ويصفها بتجربة صبيانية أكثر من كونها تجربة سياسية جادة، كما كان شاهداً على بعض الأحداث التي شكّلت تاريخ مصر الحديث والمنطقة العربية (مثل ثورة يوليو 1952، وانتكاسة 1967، والانفتاح الاقتصادي على الغرب، ووصول السادات ومبارك إلى الحكم واتفاقية كامب ديفيد).

بعين الباحث وقلم الأديب يحسن الكاتب وصف الواقع وتسجيل الملاحظات وعقد المقارنة بين الماضي والحاضر، فيحكي كيف تغيّرت نظرة المجتمع نحو الطلاق من أمرٍ مستبعد إلى حالة شائعة على امتداد أجيال ثلاثة: جيل والديه، وجيله هو، وجيل أبنائه وأبناء أخوته، وساعدته دراسته في بريطانيا لست سنوات، ثم سفره إليها سنوياً وإلى أمريكا إلى أن يلحظ التحولات الجذرية في الفرد والمجتمع، كانحلال القيم والتفلّت الأخلاقي وظهور الفرد المستهلك وانفراط عقد الأسرة.

بعض الاقتباسات من الكتاب:

❞صحيح أن الأمثلة على خيبة الأمل كثيرة، ولكن ما أكثر ما نمرّ به أيضاً فى حياتنا من أحداث سارة لم يكن يخطر ببالنا وقوعها، ولا كنا لنأمل فيها فى أكثر لحظاتنا تفاؤلاً نعم.❝

❞لجورج أورويل قول طريف يعرّف فيه الكتاب الجيد بأنه «الكتاب الذى يقول لك ما كنت تعرفه من قبل، أورويل يقصد أن يقول أيضاً، فيما أظن، أن أفضل الأفكار وأهمها هى أبسط الأفكار وأسهلها، ومن ثم فليس من الغريب أن تطرأ على ذهن الكثيرين، فيأتي الكتاب الجيد فقط لتأكيدها وتوضيحها. ❝

❞وجدت قدرة الإنسان على التأقلم مع أشد الأحداث إيلاما أكبر كثيرًا مما كنت أتصور.❝

❞المحافظة على الاستقلال الثقافى تكاد أن تكون مرادفة للمحافظة على الشخصية بل وعلى البقاء.❝