المساخيط > مراجعات رواية المساخيط > مراجعة fatma karam

المساخيط - محمد عبد العاطي
تحميل الكتاب

المساخيط

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

تنويه:

المراجعة فيها كشف للأحداث

رواية المساخيط للكاتب محمد عبد العاطي

462 صفحة

دار نهضة مصر

التقيم خمس نجوم

قرأتها على أبجد

بدأت في الرواية منذ فترة وتركتها مرغمة بسبب ضغط العمل، ثم استأنفت القراءة لأنهيها في يوم واحد.

الرواية ممتعة وجذابة للقارئ من أول سطورها بها سلاسة روايات اليافعين، وترجمة كاشفة لواقع نعيشه، كما أنَّ تعدد الأصوات في الرواية جعل وقعها شيِّقًا رشقيًا للغاية.

ظهور شعب (دروجونجواد)، أو المساخيط كما أطلق عليها البشر، كائنات غريبة أتت من كوكب آخر تختلف عن البشر في اللون، واللغة، والخِلقة فقط وتشترك في العقل، والتمييز لهم طقوس دينية مثلنا في الزواج وخلافه.

الإنسان عدو ما يجهل وهذه الحوا/ دث توقظ في البشر أسوأ وأحط الصفات، وما أن يطل على الإنسان ما يجهله تتبخر الحضارة المتراكمة في أدمغتنا، وتوقظ شيئًا أدنى، وأخس من التوحش فقد حدث بلا اضطرار ولا حاجة، جهل ممتزج بمتعة التفوق، عذرت من قتل جهلًا هذه الكائنات خوفًا من الأذى، فهو خائف من أن تلتهمه مثلًا!

لكنني توقفت كثيرًا أمام من قام بالتهامها، أو اغت /ـصابها، كيف واتته الفكرة؟ من فعلها أول مرة كيف اشتهى كائنًا يجهله تمامًا سواء بالأكل، أو بالاستغلال الجنـ/سي.

إنها فانتازيا ولكن لا أستبعد حدوث هذا بالحرف، وليس في كائنات فضائية فحسب بل في بشر مثلنا سواء اختلفنا معهم دينيًّا، أو سياسيًّا، أو عرقيًّا؛ أصحاب المصالح حينها يدركون جيدًا كيف يجعلونك ترى خصمك وقد نزعت عنه جميع حقوقه الإنسانيةوصار مجرد شيء تستطيع ركله، أو سحـ/قه لو أردت وسيسوقون لك جميع الفتاوى من كافة الديانات، والمذاهب؛ لتجعلك مطمئن البال لكل جـ ـرم ارتكبته ؟!

بين فؤاد ووائل نصيح في بلادنا وبلاد الحريات، بعضهم يدافع عن مبدأ حقيقي، والآخر يفعل ما يفعله؛ لأنه لا يجد ما يفعله سوى أن يتكلم، إنهم مدفوعون بالتأجيج الاحترافي، واللقطات التي تأتي دائمًا في موعدها المضبوط؛ لتخدم أصحاب المصالح فينالوا ما يريدونه، ويتركون الجماهير تدور حول نفسها في جنون، وغضب محتدم.

تبدأ الحكاية باقتـ ـحام إحدى الدروجونجواد/ المساخيط سيرين لأسرة مصرية وتكون طفلتهم ليزا أول من يحاول مصداقتها، وتعلم لغتها بانطلاق الأطفال وتخففهم من مخاوف وحذر الكبار، تصبح هي المترجمة للأسرة والوسيط بينهم وبين سيرين المسخوطة الزرقاء، وقد كان تعامل هذه العائلة هو الصورة الأكثر اعتدالًا بين ما حدث للمساخيط.

ينخرطون في محاولة فهم سيرين وأكثرهم الأب فؤاد من أجل ابنته ليزا في البداية لكن بعدها كانت سيرين همه الشخصي، ففؤاد الذي تزوج نادية النجمة العالية أم أطفاله التي لم يصدق طيلة حياته معها أنها قد صارت له، كان دائمًا يراها أكثر مما يستحق، هي القائد، والمبادرة، ولا يعارضها في أغلب الأمور تجنبًا للخلاف وإيمانًا منه أنها الأقدر بينهما؛ لذلك ارتبك عندما مرضت ولم يستطع قيادة السفينة بل تجمد كأب كما تجمدت حياته كزوج منغمسًا في العمل، يغرقه الشعور بالذنب لو طفت رغباته في حلم عابر دون أن يحاول أن يغير الواقع ويعترف بالخسائر وينقذ ما يستطيع إنقاذه بأن يتواصل مع زوجته التي يؤلمه حالها الذابل، ويقترب من أطفاله فهذه المحن إما تقوي العائلة، أو تضعف روابطها؛ لكنه أسقط في يده وظل منتظرًا لمعجزة!

الزوجة كذلك كانت تشعر تجاهه بالذنب وتؤنبه كالابن، ويخشى انتقادها كأنها الأم والراعية،

جاءت سيرين الأنثى الفضائية الزرقاء التي انجرف في عالمها مدفوعًا بالفضول، وإيجاد العدالة، ثم النجاح، والشغف الذي وجده أخيرًا بعد هذا العمر، قضية سيرين منحته الأدوات دون أن يشعر؛ ليكون الراعي، والحامي، والمدافع عن قضية عادلة "حقوق كائنات عاقلة مسالمة"، نمت مشاعره تجاهها؛ لأنه كان قويًّا في عالمها تعلمه ويعلمها الأبجدية، ويوصل صوتها للناس ويغير واقع قومها بما يفعله، فهو ليس مجرد محامٍ، أو محاور يريد الظهور والشهرة بل يتحدث بما يؤمن به فعلًا، يتأثر بقصيدة “كان هذا العالم، ذات يوم، لي” ويغرق في عسل ستغمره مرارته بعد ذلك.

أحب فؤاد قائدتين لكلِّ منهما سحر مختلف لكن مع نادية كان شعوره بعدم استحقاقه لها هو سر إخفاقه في مسئوليته تجاهها أما سيرين فهي محاولة لاستعادة الحلم، والأمل، والحياة.

عمرو ابن شقيقه الذي كان يرى في عمه، وبيته، وابنته بوابته نحو النجاح يتحول إلى حاقـ ـد يشي بسر عمه، وابنته، عقدة دونية عند أمثاله بتحـ ـطيم من يرونهم أفضل منهم وكأنهم نالوا ما يستحقونه.

ووائل نصيح الذي كان مثار غيرة فؤاد فيما مضى، يدفعه قطار الشهرة أمامه ولو لم يكن أسرع أو حاد خطوة عن الطريق الذي لم يعد طريقه الذي أراده، سيُـ ـدهس.

عندما باتت الأزمة مع المساخيط دولية شعرت بالاختـ ـناق، وارتبكت مثل: فؤاد بالضبط، وكأنني سأجد هذا واقعًا في صفحات التواصل الاجتماعي، كنت مثله أجد المنطق عند البشر الخائفـ ـين، وليس المدلـ ـسين، وأيضًا أجد كل المنطق في دفاع الـ دروجونجواد/ المساخيط عن أنفسهم.

انهيار نادية قبل نهايتها أمام ليزا مؤلم للغاية، وسيغير الكثير في هذه الصغيرة التي تريد أن تكبر ولكن ليس مثل أبيها الذي لا يشعر بألم أقرب الناس إليه في خضم دوامته الشخصية، وبعدها خسارتهم المفجعة لمنى ثم تهجير شعب الدروجونجواد/ المساخيط إلى القطب الشمالي وإكمال ليزا ما بدأه والدها -الذي يبحث عن ثـ ـأر شقيقتها-، بأن تتكلم عن الفنون التي تعلمتها من سيرين التي صارت زعيمة شعب الـ دروجونجواد/ المساخيط في نهاية الرواية.

رواية أتمنى أن أراها فيلمًا ولكني دائمًا أخشى على الروايات التي أحبها من إفساد جمالها سينمائيًّا.

طوال قراءتي للرواية تخيلت شعب الـ دروجونجواد/ المساخيط بلونهم الأزرق، وتفاصيل أصواتهم، ولغتهم وطقوسهم كان الكاتب خياله سخيًّا في ذلك وكأنه أراهم لنا حقيقة.

الرواية أثارت دموعي في العديد من المواقف، والنهاية المفتوحة أعجبتني رغم حزني لمفارقة شخصيات الرواية.

فالاحتمالات كثيرة جدًّا وكلها منطقية الحدوث.

شكرًا جزيلًا للكاتب محمد عبد العاطي أول مرة أقرأ له وسعيدة جدًّا باكتشاف عالمه الروائي المميز.

شكرًا مرة أخرى على المساخيط رواية جميلة شيقة تثير الشجون.

تحياتي

* بعض الاقتباسات التي أثرت بي في هذه الرواية:

“كيف لنجمة مثل هذه أن تهبط من عليائها وتستقر بجواري أنا بالذات؟!”

“كنت أضبط نفسي كل مرة وأنا أحدق فيها ولا أكاد أصدق أنها هي - هي نادية - كائن بشري يخطئ ويتحامق مثلنا. والعجيب أن هذا كان يثير في نفسي كل مرة نوعا من النشوة والارتياح وكأن كل خطأ جديد منها إثبات جديد على جدارتي بها"

“يا أخا روحي، لقد حل القمر وأضاء الدنيا لكن نورك في عيني أجمل وأجمل، فهل تقبل أن تكون قمر حياتي تنير ليلي وتبدد ظلامي بنورك بقية حياتنا؟"

“- يا أخت روحي لقد غربت الشمس، فهل تقبلين أن تكوني شمس حياتي، تغمرينني بدفئك بقية حياتنا؟"

“المـ ـوت طول عمره فكرة مخيـ ـفة بالنسبة لي، ولكل الناس طبعا. لكني الآن لا أرى الموقف بهذا السوء. يعني هناك ما هو أسوأ. أن أمـ ـوت هباءً. وأن يستمر المـ ـوت في كل مكان. عندها ما المشكلة أن أمـ ـوت أنا؟ سأكون مجرد رقم"

“من أطلق الشرارة الأولى؟ من بدأ بالعنـ ـف؟ من هاجـ ـم الآخر أولا؟ هذه الأمور يستحيل تتبعها في هذه الظروف"

“تهدرون جهودكم ومواردكم في الحـ ـروب والصراعـ ـات والمؤامـ ـرات. وحتى الدول الشقيقة تتصـ ـارع وتتنافس وتتقـ ـاتل، ربما أكثر مما يفعل الأعـ ـداء. بل إنكم كشعوب تخضعون لحكام لا تريدونهم، ودولكم تنتهج سياسات وتخوض صراعات وحر وب ضد إرادتكم. بل إنهم يقمعـ ـونكم أنتم. هل أنتم سعداء"

“العسل يظل طعمه حلوًا في فمك، حتى لو كنت في جنازة أبيك، أنت فقط الذي تمنع نفسك من الاستمتاع بحلاوة طعمه لأنك تخجل من ذلك، وكأن الاستمتاع وسط الحزن عـ ـار.”

“أي معتـ ـوه قد يصير نجما في ساعات.. أي مخبـ ـول قد يثرى فجأة ويصعد إلى قمة الهرم الاجتماعي إذا بالغ في خبـ ـله بما يكفي ليأتي بنوع جديد نادر من الخبل"

“كان هذا العالم، ذات يوم، لي"

“لكن الردود كانت جاهزة.. ردود قديمة معلّبة سمعناها كثيرا: «ومن أدرانا أن هذه هي الحقيقة؟».. «ربما هو فيديو مفبرك».. «تستحق ما حدث لها».. «أهي معنا أم معهم؟».. «ولماذا ذهبت إلى هناك أصلا؟».. «وما هذه الملابس التي ترتديها؟”

“متى اكتسبَتْ هذه الشخصية القوية؟ ليست هذه هي (سيرين) الطفلة التي أدخلتها ليزا بيتنا سرا.. وكأنها تحوّلت إلى (نادية)! “

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق