وصلت رواية "أيام الشمس المشرقة" (الصادرة عن دار العين في ٢٠٢٢) لميرال الطحاوي الى القائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية/ البوكر 2023

والرواية تستحق الجائزة بجدارة كونها رواية آسرة تعكس نضوج أدبي متفرد. فقد نجحت الرواية في خلق تضافر عميق بين منهجين للقراءة يجب ان يُتبعا بالتوازي: قراءة "كونية" وأخرى "مجهرية"، كما أُطلق عليهما. القراءة "الكونية" تُمكننا من تسليط نظرة شاملة على العالم الذي خلقته ميرال، نظرة مجرَّدة تتخطى حواجز الزمان والمكان والنوع الأدبي. وفي نفس الآن تحثنا الرواية على الخوض في تفاصيلها العميقة على مستوي الموضوعات والشخصيات واللغة والبنية والأسلوب، وما إلى ذلك.

تكشف "القراءة الكونية" في رواية الطحاوي عن علاقات الهيمنة والتبعية بين ثقافات المركز والأطراف، في نظام عالمي يمارس فيه الاستعمار الرأسمالي الآخذ في التمدد تأثيره القاسي على ضحاياه من الأفراد المهمشين والمنتمين غالبًا إلى جنوب العالم، من يخوضون صراعًا دائمًا وحتى الموت مع إمبريالية الشمال المعولمة، فيحاولون ممارسة أشكال مختلفة من المقاومة محكوم عليها دائماً وابداً بالفشل.

وتتشابك هذه الموضوعات العالمية والتأملات الكونية في رواية ميرال الطحاوي بأسئلة وجودية وفلسفية تنغرس في ماهيات البحث عن الهوية، وحكايات المنفى والاغتراب وعوالم المهاجرين والمهمشين وتمزقاتهم الداخلية والحنين إلى الماضي والوطن الأصلي (من بين العديد من الموضوعات الأخرى).

اما القراءة المجهرية تجعلنا نتوقف عند الحكايات الضمنية، والسرديات المتشابكة، وتداخل الأصوات المتعددة مع صوت الراوي العليم/الخفي، والمستويات اللـغوية المغايرة، وتقنيات الكتابة التي تتأرجح بين الواقعية المجردة والرمزية الساحرة (المتأثرة بالميراث الصوفي).

وتبقى رواية ميرال الطحاوي ذات طموح عالمي، تمزج ببراعة وحبكة ما هو محليّ بما هو غائر في الوجود الكوني.

(تلخيص لدراسة نقدية للدكتورة نيفين النصيري عن رواية "أيام الشمس المشرقة" لميرال الطحاوي ستصدر قريباً)