تقنيات البؤس > مراجعات رواية تقنيات البؤس > مراجعة حسين قاطرجي

تقنيات البؤس - رشيد الضعيف
تحميل الكتاب

تقنيات البؤس

تأليف (تأليف) 3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
1

بدايةً، أعترف أن واجهتني مشكلةٌ منهجية عند تحديد بُنية هذه الرواية، والواقع أنّ المناهج النقدية العربية -ربما- لا تعرف هذه البنية أصلاً، أو على الأغلب الأعم هي مقصّرةٌ في توصيفها وتحليلها.

كنتُ دائماً أؤمن باستقلالية النص وانغلاقه، لكنّ رشيد الضعيف وفي هذه الرواية تحديداً يبهرني بنمطٍ أجده أقرب مايكون إلى الصورة عالية الدقة HD لحياة شابٍ عازبٍ خلال الحرب اللبنانية وانتشار العسكر السوري هناك، وهي لفرط دقّتها تجعل القارئ يُقيم على فكرة كونها لقطاتٍ من سيرة حياة الكاتب.

تحكي الرواية قصة الشاب هاشم الذي يعيش وحيداً في بيته البيروتي، وهنا تنتهي الرواية!! نعم، هي كذلك، وكل ما سيواجه القارئ الآن خلال النص هو تفاصيل التفاصيل، الدقيقة منها والأشدّ دقة، لحركة يوم هاشم والمتاعب التي تعرقل راحة باله وتزيد همومه الصغير إرباكاً.

يحدثنا الكاتب رشيد الضعيف عن حاجة هاشم لتركيب خزان ماء في بيته، ويقطع من الرواية صفحاتٍ هي النقاش الدائر بينه وبين عامل التمديدات فيما يخصّ الاتفاق الذي تمّ بينهما عن المهام الموكلة إليه وأجرة أتعابه، ثم يقتطع صفحاتٍ أُخرى وهو يحكي عمّا سيطلبه من نادل المطعم من وجبات، ثمّ صفحاتٍ لاتقلّ عنها عن نتفة حمص لصقت على أسفل شفة صديقه الجالس قبالته، ويرمي بالحوار الدائر بين الصديقين بعيداً ليركّز لنا على هذه النتفة وكيف تتحرك مع حركة شفاه المتكلم، وكيف بدأت باليباس على شفته ومقدم ذقنه لقدر ما اعتراها من نسيم الهواء الساخن الخارج من الفم!!

إذن يقتنص الكاتب لحظاتٍ هامشيةٍ من الحياة ويُفرط في شرحها وتوصيفها، وهنا تتجلى مهارة رشيد الضعيف في الوصف الدقيق لكل شيء، ودون حاجةٍ لقفزات زمنية، وبراعته باستخدام أسلوباً جدّياً صارماً، لكن الكوميديا السوداء واضحة فيه بجلاء. وهذا النمط السردي في جوهره سهلٌ ممتنع ويوحي بكثرة الأحداث المحذوفة فيه.

عملياً، أرى -وهو منظورٌ شخصيٌّ بحت- أنّ الكاتب لايريد أن يقول شيئاً في هذه الرواية بقدر مايهدف للتأكيد على براعته في وصف الأشياء والأماكن والانفعالات، وتسجيله سَبقاً في هذه النمط السردي الذي لم يواجهني في عملٍ أدبيٍّ قط، وقد يكون ثمّة من سبقه إليه لكنّي لا أدّعي أنّي قرأت المكتبة العربية برمّتها، كما لم يذكره سادات النقد العرب في كتبهم.

صدرت الرواية عن دار نجيب الريّس، وتقع في 189 صفحة من القطع المتوسط، وهي بالمجمل رواية لاتنال نصيباً كبيراً من الإطراء لأنها تخالف القوالب السردية الجاهزة، وتكسر ما اعتاده القرّاء العرب من الأنماط الروائية التي تتسيّد المشهد الثقافي العربي.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق