بيت الشيخ حنا > مراجعات رواية بيت الشيخ حنا > مراجعة tasneem al7age

بيت الشيخ حنا - مينا هاني
تحميل الكتاب

بيت الشيخ حنا

تأليف (تأليف) 3.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
1

‎قصص الحرب جميعها متشابهة باختلاف الأبطال والبقعة الجغرافية 

‎لستُ أدري من ينغبي أن ألوم الحرب أم الناس أنفسهم فخالد صفوان في الكرنك مثلهُ أمثلة في بيت خالتي والقوقعة ويسمعونَ حسيسها 

‎وصفهم ممدوح عدوان بشكل دقيق في حيونة إنسان قال أنَّهم يستمتعون بألم من هم أضعف منهم ليلقوا احسان من هم أقوى وأن الإنسان عندما يوضع في موضِع قوَّة مهما كان جيِّداً فإن مضغة الشرِّ ستمارس سطوتها وستجد أنَّ الأشخاص العاديين والذين إحتلوا مواضع القوّة فجأة أشدُّ قسوة وبطشاً من أولائك القدماء ولذلك لإثباتِ ولاءِهم وعزيمتهم

‎حيثُ يتجرَّدون من إنسانيَّتهم فيصبحونَ وحوشاً وبذلك يُجرِّدون المساجين من إنسانيَّتهم أيضاً

‎عندما خرج أسماعيل وحمادة من السجن كانَ هنالك نظرة إنكسار لم يستطيعا إخفاءَها برغم الضحكات والإبتسامات التي إغتصباها على وجهيهما الهزيلين والمتعبين بسبب الآثار التي سببها بقائِهما في ذلك الجحر وكذلك الطبيب إياد اسعد وانس وكثيرون أعرفهم معرفةً شخصيةَ 

يخرجون من أعماقِ الأرض بِبقايا أجساد وفتاتِ روح وعيون فارغة وأحلام مغتصبة ونفسٍ جزعة وخوف إستبدَّ بهم فلا هم استطاعوا الإنجراف بالحياة ومواكبتها ولا خيار الإستسلام متاحاً أمامهم..

‎لكن السؤال هو ما سبب هذا الإنكسار هل هي الكرامة التي طُعِنت و النَّفس التي كُسرَت والضهر الذي انحنى من ثقلِ ما حملهُ من همٍّ وقصصٍ وعذاب ام خيبة الامل بالوطن الذي خرجوا دفاعاً عنه وصرخوا ملء فيهِهم "غالي يا وطنَّا" " ثمَّ سُجنوا في أعماقِه وحين استنجدوا بهِ أصاب الصمُّ أذنيهِ والعجز كاهلهُ فسمعهم الجلاّد وثارت ثائرتُه ، فمنهم من قُدِّر له الخروج لكنَّ روحهُ قد دفنت في المقابر الجماعية مع أؤلائك الكثيرين الذين لم يستطيعوا العيشَ بدونها فدفنوا وإياها 

‎قد تختلف قصص الحرب وذلك لاختلاف مواقع الابطال في الحكاية لكنَّ النتيجة غالباً واحدة 

‎فزينب التي ضحَّت بصديقها لإنقاذ إسماعيل الذي تُحب لم تعلم أنها بذلك قد جرت اسماعيل الى شفا حفرة من المشنقة 

‎لا نستطيع لوم زينب لأنها أيضاً ضحية.. ضحية خوف وجزعِ وفزع من ما رأت وعايشت في الداخل فدفعت بصديقها الى الموت مع معرفةٍ مسبقة بذلك هل لك أن تتخيل حجم ما عاشت لتقدم على هذه الخطوة ؟ وماعاشتهُ بعد أن إتخذتها 

‎ماعايشتهُ "ياسمين سوريا" كانَ أفظع مئات المرات ولا يمكننا المقارنة أيضاً لأنهما بطلتين لحكاية ذاتها في مواقع مختلفة 

‎أصبحت زينب عاهرة بعد أن أُنتهكَ عرضها حيثُ أفقدوها أغلى ما تملِك فلجأت لجلدِ ذاتِها وتعذيبِها أرخصت نفسها فخسرت روحها في الداخل وحبُها ونفسها في الخارج وانطوت ياسمين على نفسها بعد أن عاشت التجربة ذاتها فحرَّمت على نفسها الحُب والحياة

‎أفكر هل سيأتي ذلك اليوم الذي سأقرأ به"  وعندما جاءتني بشرى خروجي من هنا وأثناء عودتني للمهجع لاودِّع الرفاق وجدتهم يعانقون ويهنِّؤون بعضهم البعض وصرخات السعادة وعدم التصديق تخطَّت أسوارَ السجن تسبُقهم نحو الحريّة التي طال إنتظارها والحال ان الفرج جاء جماعي والبلد الذي ضحينا بسنينِ عمرنا فداءً له قد باتَ حُراً, خرجنا من سورِ السجن لنُستقبل بالزغاريد وأوراق الورود التي تنثر فوقَ رؤوسِنا والجمع الغفير حيثُ كلٌّ جاءَ يستقبلُ من طال فقده وعندما انقضى الاستقبال نظرتُ أتفحص المكان الذي أصبح غريباً عليَّ كأنني لم انتمي لهذا المكان يوماً 

‎لقد إحتلت الابنية الحديثة البيوت الشعبية التي كانت هنا منذ اكثر من خمسة عشر عاماً واستُبدِلت الأراضي الواسعة بحدائِق تتوساطها مراجيحٌ وألعاب ودكانُ العم سالم صارَ ماركتاً كبيراً واسمه يحتلُ "قارمة" مُضاءة وضعها ابنه تخليداً لذكراه ولمحات من عالم جديد قد سيطرت على البلد بشكل يليقُ به ولكنَّ شبح الحرب والدَّمار مازالت ملامحه تظهر بشكل واضح هُنا وهناك وهذا ليسَ المهم ما يهمُّ الآن أنّ الغاية التي خرجنا من أجلها وقدَّمنا دماءَ شبابِنا قرابينَ في سبيلِها ودفعنا من سنواتِ عمرنا ثمناً باهظاً لتتحقق قد قُدِّر لها المثول حقيقة واضحة أمامنا

وهذه الحقيقة هي إبرة المورفين التي نحقن آلامنا وذكرياتنا فيها لتهدأ."

رواية حلوة وخفيفة 🤍

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
2 تعليقات