الدفتر الكبير

كان يقال عن رواية ( الغريب) ان برودة دم ميرسول فيها و خاصة مشهد قتله للعربي بدم بارد يعكس عبثية الحياة .. لكن من يقرأ رواية الدفتر الكبير سيدرك حقا كيف يمكن للحرب و الحياة ان تجسد العبثية..و كيف للكاتبة ان تعبر عن برودة الدم التي تبيح القتل و تتلذذ بالاغتصاب والانتهاكات ..

سيجد الطفلين التوأمين اللذين يتمرنان على كل شيء : الصوم.. الصمت.. القسوة.. ليعتادا على كل شيء و ليفقدا الشعور الانساني و التأثر و التعاطف مع ما حولهما و ينسيان في ظل الحرب كل القيم الانسانية و لكن لا يستطيعان نسيان اثر مسحة راس تمررها يد مشفقة على طفولتهما التي انتهكت..

كيف يمكن للحرب ان تسلبك انسانيتك؟ روحك؟

تعاطفك؟ وان ترى مقتل والدتك امامك و تمضي سحابة يومك وكأن شيئا لم يحدث!

اي قسوة تدفع هذين التوأمين الطفلين ليضحيا بجسد والدهما لتمزقه الالغام ليعبر احدهما على خطواته متجاوزا حدود بلده؟

اي ضياع عاشته ( خطم الارنب) تلك الفتاة التي نبذها الجميع و كانت تبحث عن الحب الذي ربطته بالمضاجعة مع اي كان فقط لتشعر بالاعتراف بانها مرغوبة كأنثى، وكان موتها بسبب هذا السلوك في مشهد مبكٍ..

مازال في الدفتر الكبير متسع للكثير من القصص.. قصة خادمة الخوري التي تستغل الاطفال جنسيا.. قصة الضابط المثلي.. قصة الجدة العجوز القاسية القاتلة التي ربت الطفلين كمسخين.. في زمن الحروب لا مكان للانسانية .. وكل ما نعده مبالغات خيالية هو في حقيقة الامر جزء يسير من بشاعة الحرب اليومية.. فالدفتر الكبير لا يعترف بالخيال و لا تُسجل فيه سوى الوقائع الحقيقية التي لا ( برهان) على صدقها سوى معاناة و تشوه ارواح اصحابها..

#الدفتر_الكبير

#اغوتا_كريستوف

#رائدة_نيروخ