رواية حمامُ الدّار | سعود السَّنعوسي

رواية جميلة كبقيّة أعمال الكاتب ذو القلم المُلهِم واللغة الرّاقية، تتحدَّث الرواية عن كاتبٍ أوجد فجأةً قِصّة من العدم، فوضع شخصيّاتٍ في نصٍ لا يفهم كيف وُلِد، وضمن هذه الشخصيّات كانت شخصيّة عرزال ابن أزرق وهو بطل رواية حمامُ الدّار، وبطل رواية الكاتب في قلب هذه الصفحات، حيثُ بدا كأنَّما يكتب الكاتب نفسه أو شيئًا استعادَته ذاكِرةُ الكاتِب شعوريًّا فوُلِدَ عِرزال.

تبدأ الرِّواية في عجز الكاتب عن إيجاد نهايةٍ مناسبة لما كتب، ورغبته الاستثنائية تُجاه هذا النص بعدمِ وضعه في الدُّرج السفليّ الذي يعجُّ بكتاباتٍ لم يكملها، وإصراره على إكماله لأنه نصٌ تركَ فيه شيئًا ما، كان النص هو يوميّات تُبين حال عرزال الكهل إزاءَ كابوسٍ قديم لا يفهمه، فيتباين بين حال عرزال الآن وحاله في دفتر مذكراته صبيًّا، أراد الكاتب أن ينهي القصة بانتحار عِرزال لكنه لا يفعل لسببٍ لا يفهمه. في ساعةِ تأمُّل الكاتب حيثُ يحلل الكاتب شخصيّات قصَّته ليفهمها ويسبِر أغوارها، تهيجُ الشخصيّات على مؤلِّفها وتضطرب الأحداث فيدخل القارئ في دوّامة استفهامية حول حقيقة الكاتب والمكتوب. يخرج عرزال من طبيعة وُجوده بطلًا في قصة إلى مؤلّف تلك القصة فيكتب صباحات مِنوال ابن أزرق كأنَّما يُواجهه في حقيقةٍ ما، أعني كأنما يُواجه الكاتب بشيءٍ أليم أصابه وعجز عن كتابته فيفضي إلى قصّة حزينةٍ تفكُّ الشيفرات وتوضّح الأسباب وتترك أثرًا أليمًا. ربَّما حوَّل مِنوال أبطال قصَّته إلى حماماتٍ ونِعاج كي يهرب من وقعِ الألم الذي ألمَّ بصدره.

رواية جميلة جدًا لجماليّة التعابير المستخدمة في وصفِ الحدث والشعور، وجماليّة السرد والطّرح والفكرة، حيثُ أن الكاتب لا بدُّ يضع جزءً منه في نصِّه، لا بدَّ أن منوال كتب عرزال ليهرب إليهِ فيلفظ وجعهُ عَبره أو شيئًا بسيطًا منه بطريقةٍ شبيهةٍ في قصَّته. ربَّما لم يُقدِم على الانتحار لأن حمامةَ دارِه العائدةِ من الغياب . . تحتاجُه ربَّما.

رواية كالأحجية كما المكتوب على الغلاف، وأتمنّى أن أكون نجحت بفك تلك الأحجية في مُراجعتي، عدد صفحاتها مئة واثنين وثمانون صفحةً هادِئة. مستعدة لقراءتها مُجددًا.

- محبَّتي - 🌻

حسابي على أنستقرام لمزيدٍ من المراجعات: ****