بكل تأكيد استحقت هذه الرواية جائزة البوكر العربي وكل الهالة الإعلامية التي احاطتها وكل الشهرة التي وصلتها. استمتعت بمطالعتها أيما استمتاع بالرغم من أني يجب أن أعترف بأني شعرت بالتيه أحياناً عند انتقال الاحداث من ملاحقة أبن عربي إلى ملاحقة مخطوطته عبر القرون لذلك أتمنى أن أعود لهذه الرواية مرة ثانية في المستقبل. الرواية تلاحق احداث حياة محي الدين ابن عربي منذ طفولته إلى آخر سنوات حياته المديدة زمناً ورقعة جغرافية كذلك.

المؤلف برأيي أبدع في تسليط ما يشبه الكاميرات تلتقط ما يراه ابن عربي بداخل نفسه ومشاعره كما تصور حركات جسده وأطرافه وحتى اختلاجاتها أحياناً أو ترددها عن الحركة والاختلاج. كما تصور ما يراه ابن عربي في من حوله وما حوله فكل أحداث الرواية هي ما يراه أبن عربي إلا بعض الفصول عن مخطوطته التي صمدت عبر القرون. أحسست مع تعاقب فصول الرواية بالتقدم في المعرفة والنضج لشخصية أبن عربي من طريقة وصفه لما يراه ويسمعه وحكمه على الأمور وهو باعتقادي اتقان في السرد بشكل رائع من المؤلف محمد حسن علوان.

"الحب... موت صغير" – ابن عربي

الرواية تقص لنا عن حياة شخصية حقيقة كان لها أثر حقيقة على العالم أكمل الكاتب بخياله تفاصيل ما قيل وما حدث في كل زاوية احاطت بابن عربي. هو المعلم الأكبر والكبريت الأحمر بما اجتباه الله من كراماته وكشف له من علومه العلوية. الرواية مليئة بروحانيات التصوف والمتصوفين ومكتوبة بطريقة مشوقة تأخذ الانفاس في الكثير من الاحيان بما تحتويه من المفاجآت المفجعة أحياناً والسعيدة أحياناً أخرى. أحسست بالانبهار من الغموض الشديد الذي يحيط بحياة بطل الرواية فالكثير من الاحداث المفصلية في حياته اعتمدت على مالا يمكن تفسيره بالأدوات الحسية فقط. رحلة أبن عربي كانت شاقة استلزمت منه تنقية قلبه للوصول لغاية نقاء القلب وثباته وهنا المفارقة العجيبة لكن هذا لم يمنعه من رؤية عظمة التسامح والسمو حتى فيما يعتبره العامة لهو ولغو.

طالعت الرواية بإلقاء صوتي جميل جداً من "تامر لبد" الذي عابه فقط النطق غير الدقيق احياناً كثيرة للحركات وخاصة التشديد. الكتاب متوفر على تطبيق "كتاب صوتي" الممتاز.