بعد أن مرت ألف ليلة وليلة من حكايات شهرزاد، تنتظر الآن مصيرها المحتوم التي كانت تؤجله لا غير، ولكن بعد حكاياتها المليئة بالعبر تغير السلطان وقرر أن يبدأ حياة عادلة من الساعة، انتهى من حكاياتها ليعيش بعالم الحكايات نفسه، النفس وما تهواه! المؤمن الحقيقي من يظل على إيمانه حتى بعد اختباره، هذا ما نجح به البعض وفشل البعض الآخر من التجار والأعيان من أكبرهم لأصغرهم، فصنعان الجمالي عندما كانت حياته على المحك قرر فعل أي شيء ولكن حتى عندما طُلب منه الخير توَّجَهُ بالشر!، أما جمصة البلطي عندما واجه نفس المصير عرف الحق فاتبعه ومات في سبيل ذلك فكانت مكافأته أن نال حياة أخرى، واستمر على فعلته لأنه عرف وجهته وهي طريق الحق، بخلاف البعض سار مع هواه ولم يرده إلا المأزق ولكن طالما هو مستور فسوف يتمادى وهذا ما فعله عجر الحلاق إلى أن انكشف وتاب وبهذا نال فرصة أخرى للحياة في زمن كان الخطأ فيه بقطع الرأس!

وتتوالى الفتن على القوي والضعيف ويظهر المؤمن القوي من الضعيف وكانت أكبر فتنة هي أنيس الجليس التي بتدبيرها أوقعت من كبير الشرطة إلى السلطان ودبرت لفضحهم أسوأ فضيحة لولا ستر الله الذي ملأهم خجلا من أنفسهم وتذكر كل منهم أنهم بشر خطاؤون طريقهم إلى التوبة، وكبشر أيضا يصيبهم النسيان ويعودوا للجرائم وينسوا ما فاتهم من ستر الله.

يدبروا المكائد للإيقاع ببعضهم على دنيا زائلة ويقع مظاليم ضحايا، وأكثر القصص ألماً قصة فاضل صنعان العابد الزاهد الذي ما إن أتته فرصة الخفاء حتى فعل ما لا يحمد عقباه من الجرائم وأدى إلى ظلم الكثير ولكنه عرف الطريق وتاب ومات في سبيل ذلك، ومثال آخر على صدق النية كان معروف الإسكافي الذي لم تغيره الثروة ولم تحوله من حامد لجاحد ولم ينس فضل الله عليه، السندباد وتأمله بحكمه في ما مر به ساعده على تعلم الكثير وعلَّم به غيره، وأخيرا بعد مرور شهريار بكل هذه الأعاجيب والقصص والعبر لأعوانه تغير من سفاح إلى حاكم يسعى لأن يكون عادل ثم ترك الحكم وصار في طريقه الخاص بحثا عن الحق.

من أفضل الروايات التي قرأتها وكانت بدايتي مع نجيب محفوظ 💙

🌸