سيكولوجية الجماهير > مراجعات كتاب سيكولوجية الجماهير > مراجعة جواد

سيكولوجية الجماهير - غوستاف لوبون, هاشم صالح
تحميل الكتاب

سيكولوجية الجماهير

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

عندما نود أن نضع مراجعة لكتاب ما لابد من وضعه في سياقه التاريخي فغوستاف لوبون ألف كتابه في أواخر القرن التاسع عشر أي في بدايات نشوء علم النفس الاجتماعي و هو من بلور هذا التيار بشكل علمي, و قد ركز على علم النفس الجماهيري الذي كان أول من اهتم بمسألة الجاذبية الساحرة التي يمارسها بعض القادة أو الديكتاتوريين على الجماهير و الشعوب.

لوبون في الحقيقة طبيب و مؤرخ و قد اهتم بمجالات علمية عدة منها علم النفس.

و رغم أهمية كتبه و توقعاته لتصرفات الجماهير, إلا أن كتبه لاقت اهمالا, وأنا أعتبر أن كتابه هذا قد استبق الزمن لأن كثيرا من الحقائق التي ساقها فيه أُسّس لها وصارت لها جذور في علم النفس الاجتماعي.

إلى غاية 1940 كانت هناك ثلاث تيارات أساسية هي: التيار السلوكي أو التجريبي من حيث المنهج, التيار التحليلي النفسي أو العيادي الطبي, و التيار الثقافي المعتمد على علم الإناسة الاثنولوجيا.

الكتاب يركز على عدة نقاط مهمة منها:

- أهمية الخطابات: الخطابات الشهيرة التي ألهبت الجماهير, هي خطابات أقل من عادية مقارنة مع الأفكار الفلسفية المكتوبة, وهذا صحيح تماما.

- أهمية الصورة: الصور لها تأثير كبير على المشاهدين, كالمسرحيات, فرغم أنهاخيالية إلا أنها تبكي و تضحك المشاهد, و قد يصل الإيحاء لدرجات قوية جدا, فكثيرا ما سمعنا اضطرار المخرج لحماية الممثل من المشاهدين الساخطين عليه من جرائمه المتخيلة.

يقول لوبون :أنطونيو ليس بحاجة لبلاغة خطابية متقعرة ليستنهض الشعب ضد قاتلي أبيه, ماكان عليه سوى أن يقرأ عليهم وصيته و يريهم جثته, فكل ما يؤثر على الجماهير متمثل على هيأة صورة مؤثرة خالية من أي تأويل ثانوي مرفوقة بالوقائع الساحرة: كنصر عظيم, أو جريمة كبيرة أو غيره.

فجريمة واحدة كبيرة كافية على التأثير على عقول الجماهير, أكثر من مائة جريمة صغيرة, حتى لو كانت هذه المائة الصغيرة أكثر خطرا عليها.

يعرج لوبون بعدها لانتقاد المناهج التعليمية في فرنسا, والتي كانت في ذلك الحين تشبه المناهج العربية لعصرنا الحالي للأسف. فيقول:

الفوضويون بأوربا يعدون من صفوف المتفوقين بالمدارس, و هذا بسبب نشر نمط معين من طرق التعليم, و قد قال أحد القضاة أنه يوجد ثلاثون ألف مجرم متعلم مقابل ألف أمي.

إن التعليم المبني على التلقين و الحفظ و التبريز يخرج كل عام جيوشا من الاشتراكيين الهمج, و البروليتاريين الذين همهم الأول هو ايجاد وظيفة عمومية و بالتالي التمرد.

و الدولة لا توظف إلا جزء يسيرا منهم فتقنع باطعام الأولين و بعداء البقية.

يتحدث لوبون أيضا عن تأثير بعض العبارات وكيف أن سحرها تستمده من الضبابية المحاطة بها حيث يقول:

بعض العبارات ك: الحرية المساواة, العدل, لها تأثير سحري على الجماهير فلو أردنا شرح مفردة من هذه المفردات لتطلب منا الأمر تأليف المجلدات, و لكن الابهام و الذي يحوطها يجعلها كالآلهة ذات هيبة خاصة فما إن تذكر حتى تنحني الجباه بوقار.

و الجماهير عند لوبون ليست متعطشة للحرية بقدر ما هي متعطشة للعبودية, فهي دائما و أبدا في بحث عن قائد تتبنى معتقداته, ليلهبها, و تنفذ أوامره.

و القائد المؤثر في الجماهير ليس ذلك القائد العقلاني المتفلسف, فالقائد يحتاج لعقيدة قوية يؤمن بها و يستميت لأجل الدفاع عنها هو أولا كي يقود الناس, فلم يحدث أن كان القائد رجلا فيلسوفا متشككا.

أما تصنيف هؤلاء القواد محركي الجماهير عند لوبون فهم صنفان: الأول بإرادة قوية لكن آنية مؤقتة و الثاني و هم نادرون بإرادة قوية و دائمة في آن.

أما الصنف الأول فعنيفون, شجعان و جريئين, و هم يصلحون لتوجيه الضربات الخاطفة و قيادة الجماهير في حدث مؤقت ليختفوا بعد ذلك و يحل محلهم قادة آخرون في المرحلة الأخرى, إذ ما إن يختفي السبب المهيج حتى يبدون ضعفا و وهنا عجيبا.

أما الصنف الثاني فرغم أنهم يستخدمون أساليب أقل بهاء و إشراقا من الصنف الأول إلا أن تأثيرهم دائم, و هم حسب لوبون مؤسسوا الأديان أو المنجزات الكبرى.

و حسب لوبون دائما فإنه لايهم إن كانوا أذكياء أو بليدين لأن العالم سيكون دائما لهم, إذ الإرادة القوية و الدائمة هي محركهم.

و على كل فإن القادة و محركوا الجماهير يستخدمون التكرار و التأكيد و العدوى في تأثيرهم على الجماهير.

و يستدل لوبون بذلك بالكتب الدينية التي تحوي التكرار و التأكيد.

أما العدوى فهي كصهيل الحصان في الاسطبل الذي يؤدي لصهيل بقية الأحصنة أو الهلع الذي يصيب خروفا فينتقل لبقية القطيع, و هو عند الجماهير يأخذ شكل توجيه عام للأفكار و لا يتطلب الأمر تواجدهم في نفس المكان.

و يعطي لوبون مثالا لذلك, الثورة الذي قامت في باريس و التي انتقلت لبقية مدن أوربا.

و يقول بأن البشر كالحيوانات إذ أن الناس يقلدون الموديلات في الأزياء و الأفكار و غيره, و أنه يمكن التأثير على الجماهير بواسطة النماذج و الموديلات أكثر من المحاجات العقلية.

و مع ذلك فالشخصيات القيادية يجب أن لا تكون بأفكار بعيدة جدا عن التوجهات العامة للجماهير, لأنهم سيكونون حينها بتأثير معدوم, و لهذا فإن المتفوقين جدا في عصرهم ليس لهم أي تأثير على معاصريهم, فالقادة الأوربيون رغم مميزاتهم لم يستطيعوا التأثير على شعوب الشرق.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
2 تعليقات