بضع خطوات فقط على الجسر لعبور أي فلسطيني لبلده، كاتبنا البرغوثي كان على بعد ثلاثين سنة من تلك الخطوات
ثلاثين سنة كانت قد شوهت رام الله تماماً فغيرت ملامح شارع الإذاعة وعبثت بذكرياتها فبعثرتها على نحو يستحيل معه أن يرتبها من غاب عنها ثلاثين حولاً
الفلسطينين الذين أذن لهم القدر بتنفس الهواء في فلسطينهم قد استحالت عقولهم سجلات يدونون فيها كل ما يخص المغتربين حتى أمسوا سجلات متحركة في مهب رياح الاستيطان
يحتفون بمن عاد أخيراً ليلملموا بعضاً من ذكرياتهم ويغذوا سجلاتهم التي يشهرونها سلاحاً في وجه الاحتلال
ليعود المغترب ويعيش في خضم صراعات عاتية بين ذكرياته التي فاحت منها رائحة النسيان وبين الوقائع التي قصقصت أطراف الطفولة فيفجع بشجرة التين التي راحت ضحية التوسع العمراني تحت أقسى ظروف الاحتلال!!!