قراءة “كافكا على الشاطىء”، للروائي الياباني هاروكي موراكامي، هي رحلة في عوالم يشوبها الغموض والإثارة. هي عوالم متناقضة: عالم المدن، عالم الغابة، عالم المكتبات، وعالم الأرواح، وفي الخلفيّة موسيقى بوب، وأحياناً جاز، تنتمي إلى ستينيّات وسبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى الموسيىقى الكلاسيكيّة التي تنتمي إلى القرون الماضية.

وهي أيضاً رحلة في قراءة مختلفة للفلسفات المادية الحديثة، وأيضاً لمفهوم “عقدة أوديب” الفرويدي المستوحى من الميثولوجيا الاغريقيّة.

هذه الرواية التي ما إن بدأت قرائتها، والتي تتألف من 620 صفحة، حتى عرفت بأنّي سأنتهي من قرائتها في وقت قصير جداً. هي من نوع الروايات التي لا تريدها أن تنتهي، وفي الوقت عينه لا يمكنك أن تترك الكتاب إلاّ في حالات استثنائيّة مثل النوم فجأة أم الاضطرار للذهاب إلى العمل.

العالم الذي تدور فيه أحداث “كافكا على الشاطىء” هو عالم بعيد، وفي الوقت عينه، هو عالمنا هذا الذي نعيش فيه. تتقارب أقدار الشخصيات، تتباعد وتتداخل في حبكة لا تشبه الحبكات التي قرأتها من قبل. هو عالم يتداخل فيه الواقع بالحلم، ويفصل بينهما مشاهد سرياليّة غامضة، أما الأقدار فهي ذاتيّة، وتقع خارج ثنائيّة الخير والشر.

يستطيع هاروكي موراكامي أن يجعلك تعيش مع شخصياته، والتجارب التي يمرّون فيها، والرحلة التي يخوضونها. قدرته التعبيريّة تجعلك تنتظر الحدث التالي، وأحياناً بعبارة واحدة، يُشعرك بأنّ شيئاً ما سيحدث. يأخذك من كنبتك التي تقرأ عليها، إلى حافة العالم، لتكون هناك وحيداً، مع شخصياته الأساسيّة، كافكا تامورا (15 سنة) المراهق الهارب من منزل والده، وناكاتا الرجل العجوز ذي الذكاء المحدود بسبب حادثة جرت له عندما كان في عمر المراهقة.

تشتمل الرواية على الكثير من الأسئلة التي قد تبدو معلّقة رغم انتهاء الرواية، ولكن في الواقع الأجوبة التي يصل إليها القارىء تبقى أجوبته الشخصيّة، واستنتاجاته الخاصة.

إن كنت من قرّاء الروايات، أعتقد أنّك ستُعاني قليلاً من إيجاد روايات مشابهة، ولكن طبعاً، يمكنك دائماً قراءة الأعمال الاخرى لموراكامي.

من مدونة "هنيبعل.. يتسكع في الأرجاء"

****