كان جورج اورويل يقول بأن الكاتب، لكي يكتب عملاً جيدًا، يشترط أن يكون لديه شيء ليقوله، ثم يجب أن يقوله على أفضل نحوٍ يتسنى له ذلك. يمكنني أن أقول أن حمّور زيادة، الذي أسمع باسمه لأول مرة، أبلى بلاءً حسنًا في روايته. وربما كان أكثر ما لفت نظري في هذه الرواية هو تناولها لموضوع تاريخي غير مطروق سابقًا على حد علمي بطريقة ذكية، فحمور زيادة لا يُقدِم على الكتابة عن تاريخ الثورة المهدية بشكل مباشر كما يفعل بعض الروائيين عند تناولهم لأحداث تاريخية (رواية نساء وألماس مثال جيد للكتابة عن التاريخ بشكل سيء)، إنما يجعل الحدث التاريخي خلفية للمسرح الذي تدور عليه الحكاية.
أعجبني أيضًا أن حمور زيادة لم يُفرط في استخدام اللغة الشاعرية ولم يفرّط فيها كذلك. فكانت لغة روايته عوان بين السرد وبين الشعر. وهو بالإضافة إلى ذلك يعرف بدقة أين يموضع الشعر وأين يتخلى عنه.