غريب أمر هذا الكتاب، جلّ ما فعله الكاتب هو تفنيد أساليب الحكام في التاريخ واستقاء الدروس وعرضها بشكل يستفيد منه الأمير متلقّي الكتاب. بدون شكّ ماكيافيلي عبقري في دراسته لتاريخ الحكم، لكنه لم يبتكر أي ايديولوجية شريرة. لعل الاستهجان التي قوبل به هذا الكتاب هو خوف المجتمع من افتضاح أمر كان يعلم به جيّداً لكنه يتجاهله، وهو أنه مهما ظنّ أنه تقدم في الأخلاق والحرية واحترام الفرد، ما زال هذه المجتمع نفسه يتغاضى عن استعمال الحكام لأكلب الاستراتيجيات والتكتيكات وتوسّلهم النفعية والمادية الباردة والقاسية دون حدود، مضحين بالأفراد بكل سرور.
كتاب ماكيافيلي فضح خبث المجتمع وازدواجيته آنذاك وما زال، في كل وقت ومكان.
لكنّه يضحي سيف ذو حدّين، اذا ما قرأه المواطن واطّلع على أسرار الحكّام وتعلّم كيفية ملافاتها ومقاومتها.