أكثر الأشياء التي نتجاهلها هي الأكثر عرضة للهيام بها ..
هكذا بدأت قصتي مع هذه الرواية التي لم أعرها إهتماماً فأخذتني على حين غرة ، جميلة تلك الأشياء التي لانتوقع منها الكثير فتجود علينا وتغمرنا بجمالها إلى مالا نهاية ثم تتركنا في دهشتنا لا حول لنا ولا قوة .
حوراء النداوي كاتبة عراقية واعدة ذكية لغتها جميلة وحواراتها لذيذة تهضمها بسهولة دون أن تدري .
تدور الرواية حول الغربة والهوية والإنتماء وحالة التيه التي يعانيها المغترب والتي يرزح تحت وطأتها أبطال الرواية والشخصيتين المحوريتين فيها " هدى و رافد " فيما هي تظللهم وتصبغ حياتهم برماديتها فنراها تقول :
" ماهذه الأوطان التي تلفظ ! تُلقي بك على قارعة غربة ضيقة فيما ، ترفل هي في مساحات شاسعة من وطنيتها "
تتوالى الفصول بين رواية هدى ورواية رافد للأحداث فيما أتململ في مكاني لا أبارحه ، مسحورة أستمر بالقراءة دون توقف يُذكر .
لا أعلم لماذا عشقت هدى ! ما هذا الشغف الذي أثارته فيّ ! ربما لأن مراهقتها تشبه مراهقتي إلى حدٍ ما ، ذلك البركان الخامل الذي يوشك أن يثور دون أن يعلم به أحد ، في مرحلة يصعب عليك فيها أن تكون مرئياً ويصعب كذلك أن تكون غير مرئي ، المرحلة التي تتقلب فيها بين تكتم حزين و بوح متسرع ، فترة ما أن تتخطاها حتى تنساها ولا تعود تذكرها ولا تلتفت لها ولو لمرة .
هدى التي أخذت تصب ثرثرتها في أذني فتمتصها روحي فيما لم أستطع سوى أن أبتسم لها مأخوذة بتفاصيل صغيرة تنسجها في دائرة تضيق عليّ وحدي ، هكذا وجدت نفسي ألتهم حديثها العذب أسابق الصفحات حتى لا تفلت مني أو تتوقف عن الحديث بينما هي تستحثني لأجاريها وأغرق فيها أو فيّ لا أدري هكذا بدا لي .
رغم أني قرأت الكثير من الروايات والتي أثرت فيّ إلا أن هذه الرواية قد لمست شيئاً رقيقاً ، قريب ظننته بعيد كنقطة ضعف لا تُرى، أو كطفولة بريئة منسية .