" كان لدى الانسان حلم جميل حول نفسه وكان يصبو إلى السمو على شرطه الإنساني ، ولكن تتالي الأحوال فتح في هذا الحلم جرحاً، وبدأ الحلم ينزف ويضمحل ، وراح يتخذ مع ضموره أشكالاً وتسميات ، وبين حين وآخر ينتبه الانسان إلى خسارته الفاجعة هذه فيدرك أنه صار يجهد لمنع نفسه من الانحدار عن مستواه الانساني إلى مستوى الحيوان "
لابد أن الحيوان فينا وُجد قبل الانسان ولكنه تراجع أمام المدنيات التي جاهدت للسيطرة عليه ، رغم ذلك فإن استدعاءه لم يكن صعباً وإلا فمن أين جاء كل هذا العنف والقدرة على التعذيب والقتل والتعطش للدم والإبادات الجماعية ، بين الجلاد والضحية اختلطت الأدوار فجلاد اليوم هو ضحية الأمس وضحية اليوم هو جلاد الغد ، بين أن تنتقل من الإضطرار إلى التعود ثم الاستمتاع مسافة خادعة ؛ متى وأين بدأ كل ذلك ؟ .
ممدوح عدوان يأخذنا في جولة تبصيرية لنكتشف الوحش الذي رُبي فينا ، يتنقل تدريجياً من الفرد إلى الجماهير وصولاً إلى الدولة ، مُوشياً ومستشهداً بأدبيات حولت الأفكار إلى صور ومشاهد ناطقة وبأقوال وآراء لمفكرين ومؤرخين ومحللين أضافت غنىً وقوة ، هذا الكتاب هو دعوة للتفكر والتأمل في الإنسان والحال التي وصل إليها .