من الصعب تقييم هذا الكتاب تقييما أدبيا ، هو سيرة ذاتية مليئة بالمرارة ترينا جزءا متوارٍ من الواقع ، جزء غاية في البشاعة لحياة شخص افتقد للحب و الحياة الكريمة ، شخص عاش في بيئة لم توفر له أبسط مقومات العيش ، بيئة لم تقدم له دينا و لا أخلاقا ، بيئة جردته رغما عنه من إنسانيته فعاش في القاع لم يكن همه سوى إشباع حاجته من الطعام و الجنس .
السيرة مليئة بالتفاصيل البذيئة ، لكن ليس بالإمكان استبدالها أو حذفها ، فبكل بساطة هكذا كانت حياته .
هذه المرة الأولى التي أقرأ فيها لمحمد شكري ، و تعجبت من أن يقدم نفسه بهذه الطريقة للآخرين ، فعادة الإنسان أي إنسان أن يسعى لأن ينال التقدير و الاحترام من الآخرين و ألا يظهر حياته بهذا الشكل الفج ، كان بإمكانه مثلا أن يوظف كل ماحدث له في رواية لأبطال وهميين أو في قصص قصيرة يظهر من خلالها هذا الجزء القاسي و البشع من الواقع فيحظى بذلك باحترام الآخرين ، لكن ما جعله يفعل ذلك برأيي الشعور بالمرارة و لا شيء غير ذلك ، شعور امتلأ به وفاض منه و غرق فيه .
أحيانا الظروف المحيطة تكون أقوى من إرادة الإنسان .. أكبر من إدراكه ، و من ثم تقوم بتشكيله .
لا أعلم إن كنت سأقرأ الجزء الثاني من سيرته ، قد يدفعني الفضول لذلك و الرغبة في رؤية عوالم لا أستطيع رؤيتها من موضعي .
خارج النص :
كثير ممن يقبعون في قاع المجتمع و ممن لا تتوفر لهم أبسط مقومات العيش يجاهدون للخروج من هذا المستنقع بالتسلح بالدين و الأخلاق و العلم ، لكن في الغالب هؤلاء توفرت لهم بيئة عائلية نظيفة استطاعت زرع القيم لديهم ليتمكنوا من مواجهة الحياة و إيجاد مكان مناسب لهم فيها ، و ما أقوله ليس مجرد كلام نظري فهناك قصص من الواقع تؤيد ذلك .