اقتباسات من رواية أمل على الأرض

حين جلست أمل جدّتي وقتها مكاني ترحّب بجيهان على مضض، وجلست جنّة على الطرف الآخر مصدومة من ردّة فعل جمال وانبهاره بها.

⁠‫واليوم ها هي جنّة تقف مكتوفة الأيدي مرّة أخرى، وتعيش المشهد مجددًا بثقل مضاعف.

مشهد الملاكين يطفوان على كتفي عُمر أصابنا بالرّعب. ولم يكن ذلك لأن هيئتهما تجلّت بصورة مخيفة ولا كوننا حسبنا ظهورهما معجزة إلهيّة تجسّدت بانكشاف ملاكين من عالم آخر علينا، بل لأننا تأكّدنا من انضمام عُمر لتلك الجماعة وتنازله عن حق تقرير مصيره.

لم تكمن مشكلتنا في تديّنه الظّاهر والتّغيرات الشكليّة التي بانت عليه، بل بخوفنا من انضمامه إلى فئة محدّثة بالدين ازدادت شعبيّتها مؤخرًا.

لجأت هذه المجموعة إلى التكنولوجيا الحديثة للالتفاف على قانون حظر الشيخوخة والموت جراء الأمراض المرافقة لها. وكان لديهم منطق بسيط ومتوقع إلى حدٍّ ما. وجاءت حلولهم بعد أن بات الفضاء العام يعجُّ بحوارات تحاول البحث عن إجابات لأمور فرضها الواقع الحديث. ففي ظلّ طول عمر الإنسان اللامحدود، لم ينفك المؤمنون بالحياة الأخرى عن التساؤل: متى سيحاكم الفرد على ما اقترف من أفعال؟

لنجاح التجربة، ولمساعدة مشاركينا الشجعان على الصمود في هاي الرحلة، اخترنا الاستعانة بطاقم من الممرضين. طاقم بشري مش آلي، تمامًا مثل ما كان أيّام زمان. بشر مثلنا بمارسوا مهنة ما عادت موجودة اليوم مثل ما كانت. يخطئون ويصيبون، يتعبون ويلعبون، يمروّن بدورات من المشاعر ممكن أن تؤثر على رعايتهم لمرضاهم.

هىىى

حين أحاول استذكار ما حصل، فإنّي أعزو ذلك إلى طبيعة الإنسان وقدرته على الإيمان بما يشاء مهما تشعّبت واختلفت معتقداته، ولو كانت صحيحة أم لا، منطقية أم تخالف المنطق.

لدى أمّي هوَسٌ بإعادة الأموات إلى الحياة والتمسّك بحضور كل من يعز ولا يعز عليها في هذه الدنيا. تعجز عن التخلي عن الأشخاص المقرّبين منها مهما أذتها علاقتها بهم.

تبنّته جنّة بناء على الوصيّة التي تركها قبل توديعه سن البلوغ في رحلة عودته إلى الطفولة. اهتمّت به وربّته أحسن تربية، لكن ماضيه كان يلاحقه في لا وعيه وفي شبح حقيقة عيشه لسنوات طويلة حياة شبه معدمة. وبتدليعها له، ومحاولتها تعويضه عمّا فات، رسّخت بداخله هويّة متناقضة تجمع بين غنيّ مدلل وفقير معدم، وهذا ما دفعه إلى خلق شغف بالمغامرات الخطرة. تلك التي تبقيه في حركة دائمة بعيدًا عن الأفكار المزعجة التي طالما لاحقته.