اقتباسات من رواية الباغ

الغربة في القلوب ما في المكان.

من تشغله الحياة لا ينشغل بالموت، الموت لا يشغل خدناء الأرض، الموت لا يشغل إلا الخائفين.

واقعًا في مكر الزمان والتاريخ، هل للتاريخ من صديق فيؤتمن؟

لأجل البلد والشعب والتحرير ترفع البنادق والرايات وتقدم التضحيات، هكذا كان زاهر يرى من الضفة التي يقف عليها، وهكذا كان راشد يرى من ضفته أيضًا.

أن البحر هوًى، من ركبه لا يرجع عنه، ومن يدخله لا يشفى منه، ومن يسافر فيه تندر عودته.

الغربة التي ليست من نصيب من يرحل فقط بل ومن يُتْرَكُ أيضًا، المتروك ليكون غريبًا في مكانه، وحيدًا رغم الكثرة وألفة ما حوله، لكنه لا يجد ما يعبِّئ به تلك الفجوات التي يتركها الغياب، تلك الحفر العميقة المجوفة في القلب

‏❞ تعرف أسماء حارات مسقط، تحفظ دروبها من كثرة ترددها فيها، بيوتها الفقيرة وبيوتها العالية. تعرف في أي بيت كانوا يسمعون عبد الناصر وفي أيها كانت تغني أم كلثوم. ❝

❞ يا ريّا البلاد ما جبل وحصى ونخل وفلج. ❝

يتكسر صوته لكنه يكمل:

⁠‫- البلاد ناس، ناس تحبك، وتفقدك، وتترجاك، وتحامي عنك، وما تهون عليها.

صرخ في حبسه: «هذه بلاد لا تقبل الضعيف، ولا تحترم المحتاج، هذه بلاد ظُلام يا أبي، الجبابرة لا يأتونكم من الخارج، أنتم تلدون الجبابرة، من أرحام هذه الأرض يخرجون

لماذا تعمدت إذلالي بالجهل يا أبي؟ هل كنت خائفًا مني كما يقولون؟ هل كان صدقًا ما يقولون أنني لو حزت العلم مع القوة لأشقيتك في البلاد؟».

ذخِّر، سدِّد، أطلق النار، وتأكد من إصابتك الهدف.

⁠‫ذخَّر وسدد وأطلق، هذا كل ما في الأمر، هذا كل ما تطلبه المعركة، وربما كل ما تطلبه منه الحياة أيضًا.

هكذا بدأ في تعلم الشحرية، فصار يعرف أن البندقية «منديق»، والقتل «لوتغ»، والكهف «رقب»، والسلام «عوفيت»، والموت

بدها ترجع إلا لو اتوحد العرب، آه، لو صاروا كلهم يد وحدة وقوة وحدة، أكيد بيخاف منهم الصهاينة والعالم كله، بس ما دام فشلت الوحدة بين مصر وسوريا كيف بيتوحدوا؟ هاه خبرني، أقلك، بينه أن فلسطين ما بيحررها غير أهلها

القدس كلها وتحتل سيناء والضفة الغربية والجولان؟ أين كانت الجيوش العربية؟ أين شعارات الوحدة والقومية؟ أين الرجال؟

⁠‫في المدرسة لم يقبل زاهر استسلام الأستاذ أحمد ويأسه التام من رجوع حيفا والقدس

الحل الأخير بيد عبد الناصر، وهي عبد الناصر ضيعنا».

⁠‫هل تلاشت فلسطين حقًّا؟ ولن يعود الأستاذ أحمد إلى بيتهم في حيفا؟ هل ضيعهم عبد الناصر حقًّا؟

⁠‫كان زاهر يمتلئ بالأسئلة، وأسئلته تفضي

كيف يعني الناس غرته؟

⁠‫- حب الناس يخدع، الواحد منا يوم الناس تحبه حب العميان، وترفعه فوق فوق، وكل ما نطق بكلمتين صفقت له، وهتفت له، أكيد بيظن عمره فوق الناس كلهم، ويمكن بيشوف

إللي أبا أقوله أقوله، إنه إذا القومية ما نفعت، وعبدالناصر انهزم، لا بد من وجود طريقة ثانية، يمكن لازم الواحد يغير تفكيره، يمكن القومية ما هي الطريق، يمكن شي طريق غيره، أما نيأس

وجده سنان في انتظاره أمام غرفة التمريض، فمشيا إلى البيت، وفي مشيهما أخبره عن التنظيم الجديد الذي تم إنشاؤه لدعم «جبهة تحرير عمان والخليج العربي»، قال له إنهم يجمعون الأموال في سرية ليشتروا السلاح،

لكن في قلب زاهر ترددًا، بين النضال والحرية، وعيني أمه، وشوق مزنة، وتحذير أبيه.

⁠‫كان قد ترك ما لا ينفعه إلى ما ينفعه كما أوصا أبوه.

قال لها في آخر لقاء بينهما: أحببتك عندما خلق الله الإنسان، فردَّت عليه: وأنا أحببتك عندما علمه البيان.