اقتباسات من رواية يوميات طائر الزنبرك 1 و 2

بمقدورنا أن نُنفق وقتًا طائلاً، وطاقةً هائلة، في محاولات جادَّة لمعرفة شخصٍ آخر، ولكنْ في نهاية المطاف إلى أيّ حدٍّ يُمْكننا أن نقتربَ من جوهره؟ نستمرئ أن نُقْنع أنفسَنا بأنَّنا نعرف الآخر حقَّ المعرفة، ولكنْ هل نعرف شيئًا مهمًّا عن

الصفحة الأولى من الرسالة كانت مليئةً بحشو الكلام من تحايا مطوَّلة، وشكرٍ على استقباله في منزلي، واعتذارٍ عن إطالته في سرد قصصه من المؤكَّد أنَّ الملازم ماميا يُجيد آدابَ الكلام والمجاملات الاجتماعيَّة؛ فهو ينتمي إلى عصرٍ كانت تُعتبر فيه هذه

لكنَّني بصراحة وبساطة توقَّفتُ منذ تلك اللحظة عن الشعور بشيء في صميم قلبي، مهما كانت التجربةُ التي أمرُّ بها. حتى في مواجهة الدبَّابات السوڤييتيَّة المرعبة، وحتى حين فقدتُ يدي،

كان قادرًا على تقديمها بطريقةٍ تجعلك تقتنع أنّ المشكلة في فهمك أنت.

‫ «الطائر الذي يلفّ الزنبرك. كلَّ صباح. على قمم الأشجار. يلفّ زنبركَ العالم. هكذا: كريييييك».

ما أغربَنا نحن البشر، فكلُّ ما على المرء أن يفعلَه هو أن يبقى ساكنًا عشرَ دقائق فقط، وسوف يرى هذا التنوُّع المدهش من الرماديَّات.

على التلفاز كان أستاذ جامعيّ يقول إنَّ فوضى الناس في استخدام قواعد اللغة اليابانيَّة يتوافق مع الفوضى في أنماط حياتهم.

لمسةُ يدها ليست لمسةً حميمةً من حبيب، ولا هي لمسة عَمَليَّة من طبيب.

❞ أعتقد أنَّه ينبغي عليك البدءُ بالتفكير في أبسط الأشياء، ثم تمضي إلى الأخرى. مثلاً، يمكنك أن تقفَ على ناصية شارعٍ ما يومًا بعد يوم وتنظر إلى المارَّة. لا داعي للتعجُّل في اتِّخاذ قرارك. قد يكون الأمر صعبًا، لكنَّ المرء يحتاج ❝

❞ «ولكنْ سيِّد طائر الزنبرك، أليست الحياةُ هكذا أصلاً؟ ألسنا جميعًا عالقين في الظلام في مكانٍ ما، وقد أُخذ منَّا طعامُنا وماؤنا، بينما نحن نموت ببطء، شيئًا فشيئًا…؟» ❝

❞ كثيرًا ما تكون الكراهيةُ قاتلةً، ولكنْ ليس من السهل أن تتخلَّص منها. أرجوك كُنْ حذرًا، سيِّد أوكادا. فهي غايةٌ في الخطورة. فما إنْ تتجذَّر الكراهيةُ في قلبك، حتى يُصبح من العسير جدًّا أن تستأصلها ❝

قد تعتقد أنَّكَ صنعتَ عالمًا جديدًا أو نَفْسًا جديدةً، لكنَّ نفسك القديمة ستكون دائمًا حاضرة، تحت السطح، وما إنْ يحدث شيء حتى تطلّ برأسها وتقول لك «أنا هنا».

والذاكرة بطبيعتها تتدهور مع انقضاء السنوات. تشيخُ الذكرياتُ والأفكار، مثل البشر، غير أنَّ ثمَّة أفكارًا لا تشيخ البتَّة، وذكرياتٍ لا يمكن أن تتلاشى.

هكذا شعرتُ بأنَّني جزءٌ من روايةٍ رديئة، وبأنَّ شخصًا يُعاقبني لأنَّني غير واقعيّ على الإطلاق. وربَّما كان هذا صحيحًا.

أؤكِّد لك أيُّها الملازم أنَّ هذه الحرب ليس لها أيُّ مبرِّر صائب. مجرَّد طرفيْن يقتل أحدهما الآخر. أمَّا مْن يُداس عليهم فهم المزارعون المساكين، أولئك الذين لا يعرفون شيئًا في السياسة أو الأيديولوجيا.

عالمي أصبح ضيِّقًا، ساكنًا في مكانه وكلَّما ضاق أكثر، وزادت درجة سكونه، بدا لي هذا العالمُ الذي يغلِّفني وكأنَّه ينضح بأشياءَ وأشخاصٍ لا يمكن وصفُهم إلاَّ بالغرابة لقد كانوا موجودين طوالَ الوقت كما يبدو، ينتظرون في الخفاء إلى أن أتوقَّف عن الحركة.

يبدو أنَّ الناس لم يعودوا يهتمُّون بتماسك الفكر، وكلُّ ما يبحثون عنه هو الفرجة على أولئك المصارعين الفكريِّين. فكلَّما ازداد احمرارُ الدم الذي يريقونه، كان ذلك أفضل.

ما أغربَنا نحن البشر، فكلُّ ما على المرء أن يفعلَه هو أن يبقى ساكنًا عشرَ دقائق فقط، وسوف يرى هذا التنوُّع المدهش من الرماديَّات.

لعلَّ الحياة، أو مجرَّد العيش وحده كان يستنفد كلّ تفكيري. كنت لفرط انشغالي لا أجد وقتًا كي أُفكِّر في نفسي.