اقتباسات من كتاب يوم حزن النبي

الحديث «وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا».

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)﴾ (الكهف)؛ فهم الذين لم يعملوا في حياتهم على هدى واستقامة، بل كانت الضلالة مذهبهم.. وعلى كفر منهم وعدم إصغاء للحق وأهله.

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (١٢)﴾ (البقرة) ‫ قد تسألني يا صديقي. وهل من أحد يصل إلى هذه المرحلة من الإفساد رغم نيته الطيبة؟ ‫ يا صديق

طريق الفساد غالبًا مفروش بالنوايا الطيبة

مثلك. أبحث عن صحبةٍ أخبرها بحديث رسول الله فلا تضجر، أحدثها عن الإيمان ولا تسأم، أخوّفها وأخوّف نفسي من عذاب الله فلا تتهرب مني، فهذه الصحبة قلما تجدها بل نادرًا. كن صادقًا في طلبك إياها في كل ركعة، وتذكّر دومًا حديث قاتل المائة

ربما توفاني الله وأنت تقرأ كلماتي، لكني موجود بها؛ ببضع أعطانيها الله لتصل لك ‫ أصدقك القول. أبتسم الآن وأنا أكتب هذه الكلمات، وأنا أراجعها للمرة الأولى وأتمنى لو أربت على كتفك وأنصحك لله، فأنا والله أحبك وأرجو لك الخير.

مررت بالسمرقندي تأخذ من بحر علومه فسيدلك على الذين أنعم الله ويقول لك «هم الذين منّ الله عليهم، فحفظ قلوبهم على الإسلام حتى ماتوا عليه». فتدعو الله أن تكون منهم.

سورة الأحقاف ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣)﴾ وكذلك آية سورة فصلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)﴾

﴿وَمَن يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (٦٩)﴾ (النساء)؟

‫ فما نحن إلا وقد دخل وسلّم علينا الإمام ابن كثير صاحب التفسير المشهور وصدّق على كلام الإمام الطبري،

‫ فدعني آخذك إلى مثال ينبت من قول الله ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ..﴾(الفاتحة).

‫ فدعنا نجالس الإمام الطبري صاحب كتاب (جامع البيان في تفسير القرآن)، إمامٌ من مدينة آمل بطبرستان، رجلٌ لم ينطفئ علمه يومًا. توفي ٣١٠ هجرية

«فقالَ له رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذا وكَذا، فأدْرَكَهُ المَوْتُ، فَناءَ بصَدْرِهِ نَحْوَها، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فأوْحَى الله إلى هذِه أنْ تَقَرَّبِي، وأَوْحَى الله إلى هذِه أنْ تَباعَدِي، وقالَ: قِيسُوا ما بيْنَهُما، فَوُجِدَ إلى هذِه أقْرَبَ بشِبْرٍ، فَغُفِرَ له»

لا تَرْجِعْ إلى أرْضِكَ، فإنَّها أرْضُ سَوْءٍ، فانْطَلَقَ حتَّى إذا نَصَفَ الطَّرِيقَ أتاهُ المَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فقالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جاءَ تائِبًا مُقْبِلًا بقَلْبِهِ إلى اللهِ، وقالَتْ مَلائِكَةُ العَذابِ: إنَّه لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فأتاهُمْ مَلَكٌ في صورة آدمي، فجعلوه بينهم

ثُمَّ سَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ علَى رَجُلٍ عالِمٍ، فقالَ: إنَّه قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَن يَحُولُ بيْنَهُ وبيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إلى أرْضِ كَذا وكَذا، فإنَّ بها أُناسًا يَعْبُدُونَ الله فاعْبُدِ الله معهُمْ، ولا ترجع

قومٌ تحابوا بروح الله على غير أرحامٍ بَيْنَهم، ولا أموالٍ يتعاطَوْنَها، فواللهِ إنَّ وجوهَهم لَنُورٌ، وإنَّهم على نُورٍ، لا يخافونَ إذا خاف النَّاسُ، ولا يحزَنونَ إذا حزِن النَّاسُ، وقرَأ هذه الآيةَ: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس: ٦٢].».

فـ«يدُ اللَّهِ معَ الجماعةِ» و«إنَّ الشَّيطانَ معَ الواحدِ وَهوَ منَ الاثنَينِ أبعدُ» و«مَن أرادَ بَحبوحةَ الجنَّةِ فلْيلزَمُ الجماعةَ» ‫ يؤنسك وجودهم وذكرهم لله في بيت الله فـ«ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده»

«وإذا قالَ: ﴿مالِكِ يَومِ الدِّينِ﴾، قالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي» ‫ هل ما زلت ترتعب من فكرة أنك ربما لست صادقًا مع الله؟! هل تظن أن الصدق مع الله حالة كاملة لابد وأن تدخل فيها بكل ما تملك من قدرة وحضور قلب؟!

نأخذ حديث رسول الله من بدايته «مَنْ أماط أذىً عنِ طريقِ المسلمينَ، كُتِبَ لَهُ حسنةٌ، ومَنْ تُقُبِّلَتْ منهُ حسنةٌ دخل الجنةَ».

قوله ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)﴾ (الشعراء).. فإذا صدق العبد ربّه في العبادة والاستسلام والمسألة.. وجهه الله إلى هداه؛ فخير الدنيا بالعمل الصالح والذكر الحسن.. وخير الآخرة برضاه ورحمته -سبحانه-.

﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)﴾ (الشعراء)..

﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)﴾ (الشعراء)

فأخبر أن الصراط هو الإسلامُ، وأنَّ الأبوابَ المُفتَّحةَ محارمُ اللهِ، وأنَّ السُّتُورَ الْمُرخاةَ حُدودُ اللهِ، والدَّاعِي على رأسِ الصِّراطِ هو القرآنُ، والدَّاعِي من فوقِه هو واعظُ اللهِ في قلبِ كلِّ مُؤْمِنٍ».