اقتباسات من رواية سيارة اسمها نصر

كم يتغير كل شيء سريعًا! وكم من السهل أن نُستبدَّل جميعًا!

لم ترغب أبدًا في مغادرة وطنها، هكذا فكرت “يوهانَّا”، ولكنها تفعل ذلك على أي حال. غادرت بيتها ولغتها وجمهورها ومسرحها. أم أن بوسعها الاحتفاظ بهم كلهم داخلها؟ أم سيستبْدَلوا بمرور الوقت؟

هل معنى خروجها إلى العالم الحر يعني الحرية حقًّا؟، أم أنها يجب أن تحمل كل شخص وكل شيء معها، ومن ضمنهم القلق، والانتظار، والشوق؟ هل ستطارد شوارع تالين أحلامها في لندن؟ هل ستشعر في أثناء تمشيتها في “هايد بارك” الموجودة بلندن كأنها تمشي في حديقة “كادريورج”؟ هل سيدفعها ظهور بعض الظلال المألوفة أمام عينيها للجنون؟

كان يخدم نظامًا، وكان خاضعًا للأوامر فيطيعها بلا نقاش. لم يشعر بالمرارة، ولا يجب أن يفعل. وإلا لكان ذنب أفعال النظام هو حمل عليه حمله.

لم يكن كل من الرحمة وتأنيب الضمير جزءًا من مهنته. ولا كانا جزءًا من المهن الصعبة؛ مثل الأطباء، ورجال الإطفاء، والجزارين، وصائدي الكلاب، ومكافحي الفئران. جميع الأطباء لديهم داخل أقسام سرية في ذاكرتهم قائمة بالمرضى الذين ماتوا بسبب الأدوية أو التشخيص الخاطئ. جميع القضاة لديهم قائمة بالأبرياء الذين تمت إدانتهم خطأ

من كان بوسعه أن يخمن كان شديد السوء والوحشية بدرجة لا يمكن تخيلها ولا وصفها، وأكثر ظلمًا من ذلك الظلم المحدد في قاموس اللغة، أو ما هو متعارف عليه في العصور الحديثة تحت وصف الحضارة. هل يوجد مثل هذا التحضر من الأصل؟ لقد قدِّم فقط في وعينا، اعتمادًا على درجة الفساد أو سذاجة المُتلقي.

الصبي طاهر. لقد بعدناه عن جميع السموم الأيديولوجية من جميع أنظمة الدولة، حتى لا يُدمر شيء طفولته. الصبي صالح، ربما كان فضوليًّا فقط، وهذا ما يجب أن يكون عليه الأطفال.

ولكن ماذا لو بدأ الشخص الذي لا يدرك الشر في تدمير الآخرين دون قصد؟ ماذا يمكن فعله؟ كيف يمكن

ما هو المسموح لنا بقوله، وأي عيون مسموح لنا بفتحها على الحقيقة العارية؛ فالعيون المفتوحة تجعل الشخص يرى أشياءً لا يريد رؤيتها، وبالتالي لا يصبح المبصر أكثر سعادة من الأعمى الذي لا يدرك الحقيقة.

عليه أن ينقذ “يوهانَّا “من فكي النظام قبل أن يبتلعها، ويهضمها لينتهي بها الأمر بين فضلاته.

‫ هل تقوم كل الأنظمة، سواء كانت أكثر أو أقل شمولية، بفعل ذلك؟ ربما أكون أنا أيضًا فضلات الإمبراطورية البريطانية دون أن ألاحظ ذلك؟

لقد حان وقت الوداع، حيث يقف الزمن ثابتًا بينما تندفع الذكريات للأمام أو للخلف في شكل صور تستدعيها الذاكرة.

فهذا هو حالها الآن. مكسورة، ومدمرة!

‫ تعذبها رياح الحرب، وتضايقها آلام الحب.

أخذت تفكر في خاطر آخر؛ ألا وهو ما هي تكلفة لحظة ضعف لو أنك عرفت لحظتها أنه سيكون هناك المزيد من هذه اللحظات.

كان واضحًا في كل جسد، وكل ساق خشبية، وطرف صناعي يمرون بهما.. أن الحرب قد مسَّت الجميع تقريبًا. وتعرض الجميع للتعذيب بسبب الجوع. كان الجميع متعطشين للحياة وقت السلم،

بالواقع ما كان يفضله هو إغواء العقول، وكسر الأرواح، وترويض منطق الأشخاص، وتغيير معتقدات الناس.

‫ لطالما نجح في هذا، لكن ليس مع تلك المرأة التي أطلق عليها اسم “ندفات الثلج”.

لم تستطع تمييز قبضة النظام الحديدية في لمسات الرجل الغريب، والذي أراد أن يسلبها عائلتها، وطفلها، وإنسانيتها، وحريتها. شعرت فجأة أنه من الجيد لها أن تظل وحيدة في هذا القبو. لم تتشوق للخروج، بل أرادت أن تختبئ بعيدًا عن كل شيء. لم تعد تلائم ذلك العالم الموجود أعلى ألواح الأرضية الخشبية هذه.

علمها زمن الحرب أن الأوقات السعيدة تظل للحظات فقط، سرعان ما تنتهي بعدها. فربما يُرسل أحباؤك لحتفهم بالغد، وانفجارات القنابل متوقعة في أي لحظة وأي وقت.

‫ لقد تم الاستيلاء على السلطة ومحو أي أثر للثقافة. أُعيد بناء كل شيء بذوق في منتهى التدني. عوضًا عن عالم من الألوان الهادئة المتناسقة، صار ما حولها عالمًا من الألوان الزاهية التي يتنافس كل لون منها مع الآخر ولا يتناسق أيهم، والتي طبعوها في الشوارع على قطع من القماش البالي، وأطلقوا عليها اسم “شعارات”، و

‫ لقد تم الاستيلاء على السلطة ومحو أي أثر للثقافة. أُعيد بناء كل شيء بذوق في منتهى التدني. عوضًا عن عالم من الألوان الهادئة المتناسقة، صار ما حولها عالمًا من الألوان الزاهية التي يتنافس كل لون منها مع الآخر ولا يتناسق أيهم، والتي طبعوها في الشوارع على قطع من القماش البالي، وأطلقوا عليها اسم “شعارات”، و

أسوأ شيء هو مواساة الشخص دون أن تكون قد جربت ما هو فيه من مصيبة.