اقتباسات من كتاب بيتهوفن : دراسة في تطوره الروحي

‫ فيما يتعلق بتفاصيل سيرة حياة بيتهوفن التي ذكرتها في هذا الكتاب فإنني مدين بالدرجة الأولى لكتاب «حياة بيتهوفن» تأليف تاير «أمّا الشروح التي أعطيت للمؤلفات الموسيقية التي تحدثت عنها فهي على مسؤوليتي، غير أنني شديد الرضى إذ أجد أنّ جمهرة من كتّاب آخرين قد عبروا عن آراء مشابهة. وحتى إذا كانت الآراء مصاغة بكلمات مختلفة كلّ الاختلاف، فإن في الإمكان أن نرى أنّ التعبير عنها يتم بشأن التجربة نفسها التي أحسّ بها الكاتب إزاء تأليف موسيقى معينة، إلّا

يكون ملكاً وتكتشف لنا رسائله المداعبة بتعالٍ إلى سكرتير البلاد فون تزيمبكال موقفه بصورة عامة «لست أريد أنّ أعرف أي شيء يتعلق بنظامكم الأخلاقي برمته إن القوة هي أخلاق الرجال الذين يقفون متمايزين عن بقية الناس وهذه القوة لديّ أيضاً»

كان آنذاك موقناً بأنّ قوته الخالصة كافية لحمايته من كلّ الشرور وكان ذلك مرده بالطبع إلى الإدراك المنتشي لعبقريته هو كان الناس حتى في ذلك الوقت المبكر يرون فيه موتسارتاً ثانياً، ولكن بيتهوفن لا بدّ أنّه كان يستشعر بأنه مقدر

‫ استمر بيتهوفن وأبوه وأخواه في العيش معاً، وهم ما يزالون في غاية الفقر تحت رعاية مدبّرة منزل ولكن إدمان أبيه أخذ يتزايد حتى أن بيتهوفن وهو في سن الثامنة عشرة اضطر إلى أن يأخذ المسؤولية كلها على عاتقه ونتيجة

عائق وأعانني على ارتقاء كلّ المصاعب ولقد وجدت أمي ما تزال حية ولكنها كانت في أشد الحالات بعثاً على الإشفاق وكان مرضها هو التدرن الرئوي، وقبل سبعة أسابيع، بعد كثير من الألم والمعاناة، ماتت لقد كانت أماً رؤوماً حنوناً وكانت

الهادر نحن نعرف من كلمات بيتهوفن نفسه أنه كان ما يدعى «بالأخلاقي» في الأمور الجنسية ولكننا نعلم من موسيقاه أنّ ذلك لم يكن بسبب من الرهبنة ولا بسبب من المبادئ، بل يعزى إلى حضور مشاعر شديدة القوة لا تسمح بأي

الشيخ فالحياة في الرباعيات الوترية الأخيرة ممتلئة ومتنوعة وشديدة التوتر، كما لا نجدها في أي مكان من موسيقى بيتهوفن ولكن تلك الوجهات من الحياة التي كان يقدمها من قبل على أنها متضادة، أخذ يقدمها في الرباعيات الأخيرة على أنها تزدهر

إذ إنّ الفكرة القائلة بأنّ الموسيقى لا تشهد على أي شيء لدى المؤلف الموسيقي أو السامع سوى امتلاكها لملكةٍ فريدة منعزلة، من غير الإشارة إلى أي أمرٍ آخر في طبيعة الإنسان، إنما هي فكرة تنتهك أكثر استجاباتنا للموسيقى قيمة إننا

لسمفونية شوبرت الناقصة ورد في برنامج إحدى حفلات الفرقة الفلهارمونية: ‫ «نبدأ بجديةٍ عميقة يَتَفجّر عنها اضطراب وبعد ذلك تتجمع حالات قلق تكاد تكون مؤلمة حتى يسحب التلاشي القناع عن وجه راحةٍ غير متوقعة وهي تتشرب على الفور بفرحٍ غامرٍ

إن فرادة التجارب الموسيقية وانعزالها هي من القوة بحيث لا يستطاع تفسيرها ولا وصفها إن الشعراء والرسامين والنحاتين يشيرون في أعمالهم إلى العالم الخارجي، بل إنهم قد يعبرون عن أفكار يكون في الميسور شرحها وعن مواقف يغدو في الإمكان

وأقدس قدّاس على الإطلاق هو القداس الجليل Missa Solemnis لبيتهوفن هذا وإن أعمق وأجمل سوناتا للفيولونسيل والبيانو هي سوناتا بيتهوفن الثالثة (مصنف رقم 69) وهنالك شبه إجماع على أنّ سمفونيته التاسعة تحتل كلّ أنواع أفعال التفضيل، فهي الأفخم والأنبل والأكرم

‫ إن النتاج البيتهوفني محاطٌ بأفعال التفضيل أكثر من أي موسيقيّ آخر، ففي نظر كثير من الموسيقيين والناس عامة يقف كونشرتو الكمان لبيتهوفن كأعظم كونشرتو للكمان في تاريخ الموسيقى، أمّا أفخم سوناتا للبيانو فهي سوناتاه الثالثة والعشرون المسماة بالأباسيوناتا، وأنقى

لقد سُئل ألدوس هكسلي ذات يوم: «لو انفردت في جزيرة وحدك ولم يسمح لك إلّا بأن تأخذ قطعة موسيقية واحدة تسمعها طوال حياتك الباقية فماذا تختار؟» فأجاب: «الرباعية الرابعة عشرة لبيتهوفن، فإنها القطعة الموسيقية الوحيدة التي يتجدد الاستماع إليها بكراً .