ولم يكن محمد علي عالمًا وربما كان أميًّا، ولكنه بعث مصر من العدم إلى الوجود في زمن قصير، وصيرها في زمانه من الدول العظام بسائق هذا العلم الأعلى الذي هو العقل السليم والإرادة، وهو الذي يبعث صاحبه إلى التفتيش عن العلوم وحمل الأمة عليها.
لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ > اقتباسات من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
اقتباسات من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
اقتباسات ومقتطفات من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.
لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
اقتباسات
-
وقد سرت بشرى الأمان الذي شمل البلاد المقدسة الحجازية فعمَّت أقطار الإسلام، وأثلجت صدور أبنائه، وارتفعت عن الحجاز تلك المعرَّة التي طالما وجم لها المسلمون؛ وذلك بقوة إرادة الملك عبد العزيز بن سعود، والتزامه حدود الشرع، ولكن ليس هذا كل شيء وقد بقيت حاجات في الصدور؛ فلم يزل يعوز الحجاز وسائل كثيرة للراحة والهناء من قبيل الإصلاحات المادية العمرانية التي يتوق إليها الحجاج ولا يجدونها، وهي إصلاحات عصرية لا طاقة للحجاز بها مع قلة الوارد إلى بيت المال، وازدياد الخرج على الدخل، وأيضًا مع استئثار أكثر بلاد المسلمين بأوقاف الحرمين الشريفين، وعدم استعمالها فيما وقفت عليه.
مشاركة من عمرو جعفر -
وهكذا توالت القرون والحقب والناس على هذا الاعتقاد لا يتزحزحون عنه إلى أن آل أمر الحجاز إلى الملك عبد العزيز بن سعود منذ بضع عشرة سنة؛ فلم تمض سنة واحدة حتى انقلب الحجاز من مسبعة تزأر فيها الضواري في كل يوم بل في كل ساعة إلى مهد أمان، وقرارة اطمئنان، ينام فيها الأنام بملء الأجفان، ولا يخشون سطوة عاد، ولا غارة حاضر ولا باد، وكأن أولئك الأعراب الذين روَّعوا الحجيج مدة قرون وأحقاب لم يكونوا في الدنيا، وكأن هاتيك الذئاب الطلس تحولت إلى حملان؛ فلا نهب ولا سلب ولا قتل ولا ضرب، ولو شاءت الفتاة البكر الآن أن تذهب من
مشاركة من عمرو جعفر -
من أعظم أسباب انحطاط المسلمين في العصر الأخير فقدهم كل ثقة بأنفسهم؛ وهو من أشد الأمراض الاجتماعية، وأخبث الآفات الروحية، لا يتسلط هذا الداء على إنسان إلا أودى به، ولا على أمه إلا ساقها إلى الفناء وكيف يرجو الشفاءَ عليلٌ يعتقد بحق أو بباطل أن علته قاتلته؟! وقد أجمع الأطباء في الأمراض البدنية أن القوة المعنوية هي رأس الأدوية، وأن أعظم عوامل الشفاء إرادة الشفاء، فكيف يصلح المجتمع الإسلامي ومعظم أهله يعتقدون أنهم لا يصلحون لشيء، ولا يمكن أن يصلح على أيديهم شيء، وأنهم إن اجتهدوا أو قعدوا فهم لا يقدرون أن يضارعوا الأوروبيين في شيء؟!
مشاركة من عمرو جعفر -
وأما فولتير ومن في حزبه من أقطاب الملاحدة فلا يفرقون كثيرًا بين الكاثوليك والبروتستانت، وعندهم أن جميع هذه العقائد واحدة، وأنها عائقة عن العمل والرقي، ولهذا قال فولتير تلك الكلمة عندما ذُكر لديه لوثير، وكلفين، قال: «كلاهما لا يصلح أن يكون حذاء لمحمد(123)» يرى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم بلغ من الإصلاح ما لم يبلغا أدناه، مع اعتقاد الكثير أن مذهبهما كان فجر أنوار أوروبا
مشاركة من عمرو جعفر -
ومدنية الإسلام قضية لا تقبل المماحكة؛ إذ ليس من أمة في أوروبة سواء الألمان أو الفرنسيس أو الإنكليز أو الطليان…إلخ، إلا وعندهم تآليف لا تحصى في (مدنية الإسلام) فلو لم تكن للإسلام مدنية حقيقية سامية راقية مطبوعة بطابعه، مبنية على كتابه وسنته، ما كان علماء أوروبة حتى الذين عرفوا منهم بالتحامل على الإسلام يكثرون من ذكر المدنية الإسلامية، ومن سرد تواريخها(120)، ومن المقابلة بينها وبين غيرها من المدنيات، ومن تبيين الخصائص التي انفردت بها.
فالمدنية الإسلامية هي من المدنيات الشهيرة التي يزدان بها التاريخ العام، والتي تغص سجلاته الخالدة بمآثرها الباهرة.
مشاركة من عمرو جعفر -
والمسلم الجامد لا يدري أنه بهذا المشرب يسعى في بوار ملته وحطها عن درجة الأمم الأخرى، ولا يتنبه لشيء من المصائب التي جرها على قومه إهمالهم العلوم الكونية حتى أصبحوا بهذا الفقر الذي هم فيه، وصاروا عيالًا على أعدائهم الذين لا يرقبون فيه إلا ولا ذمة، فهو إذا نظر إلى هذه الحالة عللها بالقضاء والقدر بادئ الرأي، وهذا شأن جميع الكسالى في الدنيا يحيلون على الأقدار.
مشاركة من عمرو جعفر -
فإنه إذا دعاهم داعٍ إلى الاستمساك بقرآنهم وعقيدتهم ومقوماتهم ومشخصاتهم وباللسان العربي وآدابه والحياة الشرقية ومناحيها قامت قيامة الذين في قلوبهم مرض… وصاحوا: لتسقط الرجعية. وقالوا: كيف تريدون الرقي وأنتم متمسكون بأوضاع بالية باقية من القرون الوسطى، ونحن في عصر جديد.
مشاركة من عمرو جعفر -
وأغرب من ذلك أن الواحد من يهود المغرب فضلًا عن الفرنسيس يستفيد من الميزانية المغربية أكثر من أربعين مسلمًا، وأغرب منه أنه من هذه الميزانية التي أربعة أخماسها من جيوب المسلمين يأخذ المبشرون والقسوس دعاة النصرانية مئات ألوف من الفرنكات لأجل بث المسيحية بين البربر المسلمين، وهذا على نسق إعطاء مبشري النصرانية في السودان المصري إعانات من أموال المسلمين، فلولا هوان المسلمين على دول الاستعمار، وكون هذه لا تقيم وزنًا ما كانوا يستخفون بهم إلى هذا الحد الأقصى
مشاركة من عمرو جعفر -
الأجانب قد استأثروا بخيرات البلاد، ولم يتركوا للمسلمين إلا الفقر، فقام المسلمون اليوم يعتذرون عن عدم بذل الأموال لمساعدة إخوانهم بعدم وجودها، وهذا صحيح إلى حد محدود؛ وذلك أنهم بخلوا بها في الأول فجنوا من بخلهم على الجهاد الذلَّ والخنوعَ أولًا، والفقرَ والجوعَ ثانيًا، فإن من سنن الله في أرضه أن الذل يردفه الفقر، وأن العز يردفه الثراء، والمثل العربي يقول: من عز بز،
مشاركة من عمرو جعفر -
يريدون النصرة بدون سلاح وعتاد، أو السلاح والعتاد بدون بذل أموال، وإذا تغلب العدو عليهم من بعد ذلك صاحوا قائلين: أين المواعيد التي وعدنا إياها القرآن في قوله: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾(61).
كأن القرآن ضمن للمؤمنين النصر بدون عمل وبلا كسب ولا جهاد بالأموال والأنفس، بل بمجرد قولنا: إننا مسلمون، أو بمجرد الدعاء والتسبيح؟
مشاركة من عمرو جعفر -
أكثر أولئك العلماء كانوا متحققين بالزهد، متحلين بالورع، متخلين عن حظوظ الدنيا، لا يهمهم أَغَضِبَ الملك الظالم الجبار أم رضي، فكان الخلائف والملوك يرهبونهم، ويخشون مخالفتهم؛ لما يعلمون من انقياد العامة لهم، واعتقاد الأمة إمامتهم، إلا أنه بمرور الأيام خلف من بعد هؤلاء خلفٌ اتخذوا العلم مهنة للعيش، وجعلوا الدين مصيدة للدنيا، فسوغوا للفاسقين من الأمراء أشنع موبقاتهم، وأباحوا لهم باسم الدين خرق حدود الدين، هذا؛ والعامة المساكين مخدوعون بعظمة عمائم هؤلاء العلماء، وعلو مناصبهم، يظنون فتياهم صحيحة، وآراءهم موافقة للشريعة، والفساد بذلك يعظم، ومصالح الأمة تذهب، والإسلام يتقهقر، والعدو يعلو ويتنمر، وكل هذا إثمه في رقاب هؤلاء العلماء
مشاركة من عمرو جعفر -
من أعظم أسباب تأخر المسلمين الجهل، الذي يجعل فيهم من لا يميز بين الخمر والخل، فيتقبل السفسطة قضية مسلمة، ولا يعرف أن يرد عليها.
ومن أعظم أسباب تأخر المسلمين العلم الناقص، الذي هو أشد خطرًا من الجهل البسيط؛ لأن الجاهل إذا قيض الله له مرشدًا عالمًا أطاعه ولم يتفلسف عليه، فأما صحاب العلم الناقص فهو لا يدري ولا يقتنع بأنه لا يدري، وكما قيل: ابتلاؤكم بمجنون خير من ابتلائكم بنصف مجنون، أقول: ابتلاؤكم بجاهل خير من ابتلائكم بشبه عالم.
مشاركة من عمرو جعفر -
لم نكن لنطلق الكلام إطلاقًا على العالم الإسلامي في هذا الموضوع، فإن الأمة الأفغانية مثلًا لا يمكن أحد أن يخطب فيها في حب الأجانب علنًا ويبقى حيًّا، والنجديون لا يوجد فيهم من يجرؤ أن يمالئ الأجانب على قومه، والمصريون قد ارتقت تربيتهم السياسية كثيرًا عن ذي قبل؛ فأصبحت مجاهرة أحدهم بالميل للأجنبي، أو تفضيل حكم الأجنبي خطرًا عليه، فأما في سائر بلاد الإسلام فمن شاء من المسلمين أن يخلع الرسن ويجاهر بالعصيان لعدو دينه وبلده فلا يخشى شرًّا، ولا يحاذر قلقًا ولا أرقًا.
مشاركة من عمرو جعفر -
أو لمثل هؤلاء يعد الله العز والنصر والتمكين في الأرض، وهم سعاة بين أيدي الأجانب على ملتهم ووطنهم وقومهم؟! كلما عاتبهم الإنسان على خيانة اعتذروا بعدم إمكان المقاومة، أو باتقاء ظلم الأجنبي، أو بارتكاب أخف الضررين؟ وجميع أعذارهم لا تتكئ على شيء من الحق، ولقد كانوا قادرين أن يخدموا ملتهم بسيوفهم، فإن لم يستطيعوا فبأقلامهم، فإن لم يستطيعوا فبألسنتهم، فإن لم يستطيعوا فبقلوبهم(49)، فأبوا إلا أن يكونوا بطانة للأجانب على قومهم، وأبوا إلا أن يكونوا روادًا لهم على بلادهم، وأبوا إلا أن يكونوا مطايا للأجانب على أوطانهم،
مشاركة من عمرو جعفر -
لقد أصبح الفساد إلى حد أن أكبر أعداء المسلمين هم المسلمون، وإن المسلم إذا أراد أن يخدتم ملته أو وطنه وقد يخشى أن يبوح بالسر من ذلك لأخيه؛ إذ يحتمل أن يذهب هذا إلى الأجانب المحتلين فيقدم لهم بحق أخيه الوشاية التي يرجو بها بعض الزلفى، وقد يكون أمله بها فارغًا
مشاركة من عمرو جعفر
| السابق | 1 | التالي |