اقتباسات من رواية جريمة في رام الله

ككل الفلسطينين يبدو الحديث في السياسية قتلاً للوقت.

"صباح النور، الحمد لله".أجيب ببرود، وأعاتب نفسي على "الله" اللذي بات يقتحم كل كلامي.

أستيقظ وأظلّ في الفراش أفكّر، كأنني في حلم لم أفلح بالاستيقاظ منه، حلم ضيّق عميق كدرجات رطوبة عالية.

رسبتُ في امتحانين نصفيين، وفقدتُ اتّصالي بكل شيء حولي. ولم أعد أشعر بشيء إلا حاجتي لفعل شيء ما غير محدّد.

بدأتُ أشعر بانعدام جدوى هذه الأشياء، ولم أكن متأكدًا أين الجدوى تحديدًا.

حماستي لكل تلك الأجواء في المرّات السابقة حلّ محلّها برود عجيب، بل واستنكار لكل هذه الطاقات المهدورة.

كنتُ أمشي وأبحث في أرجاء الجامعة، ولكن الأهمّ هو ما كان يجري داخلي من بحث طويل في زوايا ذهني ونفسي.

شعرتُ أن جدرانًا تُبنى بيني والعالم.

شعرتُ بقدرة على النظر إليهم بعين مَن لا يشبههم.

لم ألحق بدنيا يومها، بمعنى أنني لم أمش في إثرها أو أنادي عليها، ولكنني دخلتُ مرحلة يمكن تسميتها بـ "الجري خلف دنيا".

نظرتُ إلى دنيا مدركًا أن فمي سيخونني، ولساني سينسحب إلى حلقي كفأر جبان.

أول ما فكّرتُ فيه أن دنيا يجب أن تأتي من مكان بعيد، بعيد جدًا، كأنها نقطة ظهرت من العدم، مقبلة من الأفق، وتظل تكبر مع اقترابها وتبيّن معالمها شيئًا فشيئًا.

تلكَ الدقائق الخمس غير الدقيقة ولا المؤكدة ستغدو منذ تلك اللحظة مداره الأبدي.

وجه الشابّ ثابت أمام عيني، لم أر وجهًا بتلك الحال، كأنه غير قادر على التعبير، ليس فيه شيء كأن كل الأشياء التي شعر به جمدته، فصار وجهه خاليًا من أيّ شيء.

إنه على الأغلب غائب عن الوعي، وإن كانت حواسّه وأطرافه تعمل.

فصرخة غير مكتملة، بل مبتورة، فهي شهيق دون زفير.

نظرتُ في وجه دنيا، فاختلفت بوجهي الدنيا.

أمشي، أنظر إلى إرتفاع المباني، ولا أفكرّ إلا بأيها أنسب لسقوط أخير ينهي كل شيء. أراقب السيارات المسرعة في آخر الليل وأفكر بالسرعة اللازمة لإنهاء كل شيء.

أفكرّ أن إنهاء كل شيء وإيقافه سهل، ولكنني جبان.

عذّب تتلاعب بي الأشياء.

‫ أُقنع نفسي اليوم أنها كانت أيّامًا جميلة، وأنني سعيد بما كان لي منه، وأحاول الاقتناع بأن ما كان، يكفي.

دنيا تعرف كيف تمنحني الوقت حين أحتاجه، وكيف تسرق الثواني حين أريد. دنيا …

#جريمة_في_رام_الله