اقتباسات من كتاب في حضرة الغياب

ولا تندم على حرب أَنضجتك كما يُنْضجُ آبُ أكوازَ الرّمان على منحدرات الجبال المنهوبة، فلا جهنم أخرى في انتظارك. ما كان لك صار عليك

يقولون: لا تبعد، وهـم يدفنونني‏

‫وأين مكان البُعْد إلّا مكانيا؟‏

‫وعشتَ، لأنَّ يداً إلهية حَمَلَتْكَ من عين العاصفة إلى وادٍ غير ذي زرع وعشتَ في منزلة الصفر، أو أَقلَّ وأكثر عشتَ عصيَّ القلب، قصيَّ الالتفات إلى ما يوجع ويجعل الوجع جهةً، وإلى ما يرجع من صدى أَجراس تضع المكان على أُهبة السفر: من هنا مرت الغجريات المصابات بحُمَّى الرقص والإغواء علَّقن سراويلهن على أغصان الشجر وارتدين العري المتخفِّي في رشاقة الحركة على الخيال وحده أن يرى فضيحة العُرْي في إيمان الفنِّ بذاته المتمنِّعة عن الإفصاح فالغجريات الماهرات بدسِّ البرق في عظام المشاهدين، هُنَّ هُنَّ القادرات على ستر العري بضوء يسطع من نهود ترشح حبيبات ماءٍ يضحك … ‫في كلِّ وَلَدٍ غجريَّةٌ وفي كل غجرية سَفَرٌ مرتجل وفي كل سفر حكاية لا تُروى إلّا بعد اجتياز الذكرى سنَّ الخجل من أَصحابها.

ألهذا حَمَلْتَ الغجر معك كلما افترق المكان عن زمانه، وكلما تشرَّد المكان في سُكَّانه الباحثين عنه في ما تبقَّى من روائح هي الدليل على حسيَّة الروح؟ ألهذا بحثت في النساء الغريبات عن فوضى الجسد في شهوة الغجريات الراقصات على حبال الريح، واصطحبت المعنى الخالي من الزركشة، في الحب، إلى آخر العبث؟

‫أَلكَسَلُ اجتهادٌ ومهارة. إفراغُ القلب مما يزيد عن حاجته على الخفقان، وتمييزٌ بين الوقت والزمن. فمن يملك وقتاً أكثر يتحرر من خشية الزمن /

‫ألزمنُ نهرٌ سَلِسٌ لمن لا ينتبه إليه، وحشيٌّ شَرِ

تلقي برأسك على ركبتيها لتستمع إلى ما يقول الجسد الخالي من الحنين، فقد خُلِقَتْ حوّاءُ للتوِّ، وللتوِّ ولدتَ بلا ذاكرة.أنتِ غدي وحاضري ولا أمس لي - تقول لها. وتقول لك: أنتَ غدي وحاضري ولا أمس لي.

جُرَّ المكان إذاً برسَن العبارة، واحمله كما تحمل اسمك، لا ظلَّك، في خيالك لا في حقيبة الكلمات هي وحدها المُؤَهَّلَةُ في هذا الغروب لترميم ما انكسر من زمان ومكان، ولتسمية آلهة غفلت عنك وخاضت حروبها بأسلحة بدائية الكلمات هي المواد

‫وبكيتَ كما لم تفعل من قبل. بكيت من كل الحواس. بكيت كأنك لا تبكي، بل تذوب دفعة واحدة وتمطر.

وحين تختلس النظر إلى نفسك، تكتشف أنك لا تفكر بشيء ولا تنتظر أحداً، ولا تشعر بفراغ أو امتلاء أو ضجر.

وكلما متَّ وانتبهتَ التهمتَ الحياة كحبة خوخ، فلا وقت طويلاً للخوف من المجهول ما دامت الحياة، وهي أنثى، مشغولة عن الموتى بتجديد صباها وفجورها وتقواها، على مرأى من المحرومين.

ولا يودِّعن شيئاً لئلَّا يَحْزنَّ، فالحزن مهنة لا تليق بهنَّ، فهنَّ الحزينات منذ وُلِدْنَ. ويرقصن كي لا يَمُتْن. ويَترُكْنَ الأمس وراءهن حفنةً من رماد موقدٍ مؤقت. ولا يفكرن بالغد لئلَّا يعكِّر التوقع صفو الارتجال. اليوم اليوم هو الزمن كله /

. فإنَّ كنزة صوف واحدة، منتهية الصلاحية، لا تكفي لعقد صداقة مع الشتاء. ستبحث عن الدفء في الرواية، وستهرب مما أَنت فيه إلى عالم متخيَّل مكتوب بحبر على ورق.

‫وتسأل: ما معنى كلمة «وطن»؟

‫سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت، وقنّ الدجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز، والسماء الأولى.

‫وتسأل: هل تتَّسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات… وتضيق بنا؟

‫للحروف البيضاء على اللوح الأسود مهابةُ فجر ريفيّ. وكما يَصُبُّون الماء، على مهل، في جَرّة لا تمتلئ، تشرَّبتَ الشكل الناقص وصوته معاً، بتعذيب الحنجرة وتطويعها للإشارة، وبإخضاع الحل لما تراه العينان.

‫حتى يُجْمَعُ حرفٌ إلى حرف، أي عَبَثٌ إلى عبث، يُسْفِرُ غامضُ الشكل عن وضوح صوتٍ ما، ويفتح هذا الوضوح البطيء مجرى لمعنى له صورة، فتصير ثلاثة أحرف باباً أو داراً. وهكذا تبني حروفٌ خاملة، لا قيمة لها إذا افترقت، بيتاً إذا اجتمعت.

‫يا لها من لعبة! يا له من سحر. يولد العالم تدريجياً من كلمات. هكذا تصير المدرسة ملعباً للخيال… فتركض إليها بفرح الموعود بهدية اكتشاف، لا لتحفظ الدرس فحسب، بل لتعتمد على المهارة في تسمية الأشياء. كلُّ بعيدٍ يقترب. وكل مُغْلَقٍ ينفتح. إذا لم تخطئ في كتابة كلمة نهر، فسيجري النهر في دفترك. السماء أيضاً تصبح جزءاً من مقتنياتك الشخصية إذا لم تخطئ في الإملاء.

‫كلُّ ما لا تبلغه يداك الصغيرتان مُلْكُ يديك الصغيرتين إذا أَتْقَنْتَ التدوين بلا أخطاء. من يكتب شيئاً يملكه. ستشمُّ رائحة الوردة من حرف التاء المربوطة كبرعم يتفتح. وستتذوَّق طعم التوت من جهتين: من التاء المُتَّصلة ومن التاء المفتوحة كراحة اليد

222226********-

222222226********-

222222226********-

لف

السلام عليكم كيف اقرأ الكتاب

كم أنت كاتب رائع ياصديقي رحمة الله عليك.

كأنك طفلي، كأني أبوك ولم يدللك أبوك لئلا يرميك إخوتك في جُب الحكاية