اقتباسات من رواية إيراث : رحم الطين

أنَّ القُوَّةَ بِلَا حِكْمَةٍ تَتَحوَّلُ إلَى لَعْنَةٍ.

أصْواتًا تُصَفِّرُ فِي أُذُنِي، كأنَّ بِهَا تَئِنُّ أنِينًا صَافيًا مُستَخْلَصًا مِنْ عَذاباتِ الأرْوَاحِ التَّائهةِ الَّتي غَرَّر بِهَا البَحْرُ فأهْدَرهَا.

‫ الأمْوَاجُ تَتَصَاعَدُ مِنْ حَولِي، تَتَقَاذَفُ فِي الهَواءِ، ومَعَ الرِّيَاحِ، تضْربُنِي، تُحَلِّقُ كأنَّ لهَا أجْنِحَةً، تَخْفِقُ كأنَّها صَوتُ هطُولِ المَطَرِ علَى أرْضٍ جَدبتْ.

لَمْ يَكُنْ هَذَا العَالَمُ مِنْ مَعْدِنٍ وَثَلجٍ فَحَسْب، بَلْ كَانَ حَبْسًا لِزَمَنٍ قَدِيمٍ، زَمَنٍ وُجِدَ قَبْلَ البَشَرِ، حِينَ كَانَ الخَلقُ نِزَاعًا بَينَ الفِكرَةِ وَالمَادَّةِ، وَبَيْنَ الحَركةِ وَالجُمُودِ، كَانَتْ تُوجَدُ كَائِنَاتٌ أُخرَى، أَكثَرُ قِدَمًا مِنْ كُلِّ مَا رَأيْتَ، تَحْكُمُهَا مَفَاهِيمُ غَيْرُ مَرئِيَّة، وَتُسَيِّرُهَا صِرَاعَاتٌ خَفِيَّةٌ كَالصِّرَاعِ بَينَ الوُجُودِ وَالعَدَمِ.

سَمِعْتُ صَوْتًا قَادِمًا مِنْ بَعِيدٍ، مِنْ عَمْقِ العَوَالِمِ، كَأَنَّهُ صَدًى مِنْ زَمَانٍ لَمْ يَكُنْ، قَالَ: (إِذَا خَرَجْتَ، لَنْ تَكُونَ كَمَا كُنْتَ)، فَأَجَبْتُ: (وَإِنْ بَقِيتُ، لَنْ أَكُونَ أَيضًا)،

لَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ إِلَى النُّورِ، بَلْ كَانَ النُّورُ يَسْكُنُهُ، يَقْرَأُ فِي وُجُوهِ البَشَرِ مَا أَخْفَوْهُ وَمَا ظَهَرَ، قيلَ إنَّه كانَ يرَى الأرواحَ الهَائِمَةَ، ويَعْرِف مَوَاطِنَ الخَيرِ والشَّرِّ فِي النَّاسِ.

مَعْبَدُ الذِّكْرَى العَتِيقَةِ: جُدْرَانُهُ تَسْبَحُ فِي قَاعِ بَحْرِ الحَكَايَا السَّائِلَةِ، لَا يَبْلُغُهُ إِلَّا مَنْ يَسْتَطِيعُ مُرُورَ البَوَّابَاتِ الغَامِضَةِ، تِلْكَ الَّتِي لَا تَنْفَتِحُ إلَّا لِمَنْ كَانَ قَلْبُهُ نَقِيًّا، هُنَاكَ، تَحْيَا الحِكَايَاتُ الَّتِي مُحِيَتْ، وَتُكْتَشَفُ الأَحْدَاثُ الَّتِي نُسِيَتْ، وَيُسْمَعُ هَمْسُ الزَّمَنِ.

رَحَلْتُ، وَلَكِنَّ أَثَرِي بَقِيَ مَحْفُورًا فِي الزَّمَنِ، قِصَّةً تُرْوَى بَيْنَ الْمُلُوكِ، وَحِكْمَةً تَنْقُشُهَا الرِّيَاحُ فَوْقَ الرِّمَالِ، وَصَرْحًا عَظِيمًا يَشْهَدُ أَنَّ أَعْظَمَ مَا مُنِحَ الإِنْسَانُ، لَيْسَ السُّلْطَانَ، وَلَا القُوَّةَ، بَلِ الحِكْمَةُ الَّتِي تَسْبِقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَبْقَى بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ.

وَإِنْ كَانَتِ الظُّلْمَةُ مُقَدَّرَةً، فَإِنَّ النُّورَ أَقْدَمُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتِ الأَرْضُ قَدْ صَارَتْ لَكَ مِيرَاثًا، فَإِنَّ السَّمَاءَ لَمْ تَكُنْ يَوْمًا لِلظَّالِمِينَ.

أَنْتَ مُخْطِئٌ يَا «زِلْحَاف»، الْخَلْقُ لَيْسَ قُوَّةً نَمْتَلِكُهَا أَوْ نَنْزِعُهَا، إِنَّهُ تَضْحِيَةٌ، شَيْءٌ نُعْطِيهِ مِنْ أَنْفُسِنَا، أَنْتَ لَمْ تَفْهَمْ قَطُّ، لِأَنَّكَ لَمْ تَعْرِفِ الْحُبَّ.

- «إيلا»، مَاذا لَوْ كُنْتُ أخافُ أنْ أَرَى؟

‫ - الخَوْفُ لا يُغَيِّرُ الحَقيقَةَ، يا «قَلْبَ الماءِ».

‫ - لكِنْ مَاذا لَوْ لَمْ أَكُنْ مُسْتَعِدًّا لَهَا؟

‫ - وهَلْ كَانَ أحَدٌ يَوْمًا مُسْتَعِدًّا لِلْحَقيقَةِ؟

‫ ومِنْ بعْد، سيقولُ العجائزُ للأجيالِ القادمةِ: (هو الشُّعلةُ التي لنْ تنطفئ، هو الحكايةُ التي سنَبْقَى نردِّدُها في مجالسِنا، الحكايةُ التي لنْ تُنْسَى).

لَمْ تَيْأَسْ، رَفَعَتْ رَأْسَهَا، غَاصَتْ فِي صَلَاتِهَا كَمَا لَمْ تُصَلِّ قَطُّ، كَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّ الآلِهَةَ لَا تُصْغِي إِلَّا لِمَنْ تُحْرِقُهُمُ النَّارُ، وَلَا تَسْتَجِيبُ إِلَّا لِمَنْ بَلَغَتْ أَرْوَاحُهُمُ الحُلْقُومَ.

- يَا أَبَتِ، إِنَّا قَدْ نَظَرْنَا إِلَى الأَقْوَامِ والقُرَى، فَوَجَدْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ إِلَّا مَعَ العِلْمِ، وَلَا حُكْمَ إِلَّا بِالمَعْرِفَةِ، وَإِنَّ الإِنسَانَ لَوْ صَعَدَ فِي السَّمَاءِ أَوْ هَبَطَ فِي الأَرْضِ، فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ فِي نَفْسِهِ، وَمَنْ جَهِلَ نَفْسَهُ فَقَدْ هَلَكَ.

لَيْسَ كُلُّ مَا نُرِيدُهُ هُو مَا نَحْتَاجُهُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا نَرَاهُ هُو المَصِيرَ المَحْتُومَ.

لَيْسَ كُلُّ مَا نُرِيدُهُ هُو مَا نَحْتَاجُهُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا نَرَاهُ هُو المَصِيرَ المَحْتُومَ.

مَا كَانَ لِلنُّورِ أَنْ يُجْبَرَ، وَلَا لِلْحُبِّ أَنْ يُفْرَضَ، لَكِنْ لأَنَّكَ نَدِمْتَ، وَلِأَنَّ دُمُوعَكَ حَمَلَتْ صِدْقَ التَّوْبَةِ، سَأَمْنَحُكَ مِفْتَاحَ العَوْدَةِ.

مَا كَانَ لِلنُّورِ أَنْ يُجْبَرَ، وَلَا لِلْحُبِّ أَنْ يُفْرَضَ، لَكِنْ لأَنَّكَ نَدِمْتَ، وَلِأَنَّ دُمُوعَكَ حَمَلَتْ صِدْقَ التَّوْبَةِ، سَأَمْنَحُكَ مِفْتَاحَ العَوْدَةِ.

يَا قَوْم، إِنَّ العَدْلَ هُوَ سُنَّةُ الإلَهِ فِي خَلْقِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَحْكُمُونَ بِالهَوَى وَتَزِنُونَ بِمِيزَانٍ مُعْوَجٍّ!

يَا قَوْم، إِنَّ العَدْلَ هُوَ سُنَّةُ الإلَهِ فِي خَلْقِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَحْكُمُونَ بِالهَوَى وَتَزِنُونَ بِمِيزَانٍ مُعْوَجٍّ!

يَا قَوْم، إِنَّ العَدْلَ هُوَ سُنَّةُ الإلَهِ فِي خَلْقِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَحْكُمُونَ بِالهَوَى وَتَزِنُونَ بِمِيزَانٍ مُعْوَجٍّ!