اقتباسات من رواية مدن الحليب والثلج

في صدري، لم يكن الحنين شوقًا ناعمًا يربّت على كتفي، ولا شعورًا هادئًا يُحتمل. كان وحشًا جائعًا، ينهشني طوال هذه السنين، كلما حاولتُ إخماد صوته ازداد صخبًا، وكلما ظننتُ أنني تآلفتُ مع البعد، تجذّر في المسافة أكثر.

أنظر إليك، وأدرك أنني لا أحتاج إلى القصص، فأنت حكايتي، وكلّ ما لم يُكتب لي بعد.

جاءت لتسألني عمّا فعلتُ لأجلها قبل أن تأتي، وعمّا سأفعل لها بعد أن جاءت

صبري ليس مطاطًا يتمدد إلى ما لا نهاية، أو كنزًا لا يفنى. الصبرُ يُستَهلَك، يُستنزَف حتى آخر قطرة، يجفُ من القلب حتى يتصدّع.

لم أخبرها الحقيقة. ولم أقل لها أنّ اليُتم لا يوجع فقط، هو يجرح أيضًا.

رجلٌ لم يُدرك الأبوة إلا حين أصبحت ابنته تحت التراب؛ فالأموات لا يحتاجون نفقات.

هناك موتٌ يمرّ خفيفًا كزفرة، يُبكى لحظة ويُنسى، وموتٌ آخر يندسّ في جدران المدينة،

الزمن وجُمان، سرقاني وأنا أغني.

‫ جُمان أول غُنوتي،

‫ وهي أول ندباتي…

‫ تلك التي لم تُشف، لأنها لم تُخط أبدًا.

الزمن وجُمان، سرقاني وأنا أغني.

‫ جُمان أول غُنوتي،

‫ وهي أول ندباتي…

‫ تلك التي لم تُشف، لأنها لم تُخط أبدًا.

الزمن وجُمان، سرقاني وأنا أغني.

‫ جُمان أول غُنوتي،

‫ وهي أول ندباتي…

‫ تلك التي لم تُشف، لأنها لم تُخط أبدًا.

كم مرّةً خُدعنا بجمال الأشياء قبل أنْ نكتشف أنّها محضُ قناعٍ هشٍّ يغطي عطبًا فاسدًا في جذورها؟ كم مرّة ألقى بنا القلب في متاهاتِ وهمٍ سخيف، ظنًّا منه أنّ العطر دليل طهارة، وأنّ اللّون مؤشر للحياة؟

كلّ الذين ظننتَهم رمادًا، يكمُنون في اللاوعي، كجمرةٍ يغشاها الرماد. يظهرون فجأة، كأسماء فوق بطاقات الورد، بطاقات تعزية بعضها يلدغ بخبث.

بابٌ يُغلق بيني وبين ابنتي، بيني وبين حقي في أمومتي.

وأنا صامتة، لا لأنني بخير، بل لأنّ الوجع حين يفيض، يُخرس اللسان. والقلوب التي ذاقت أكثر مما تحتمل، تتعلّم ألا تُظهر نزيفها، يصبح الدم جزءًا من النبض، يمرّ خفيًا، كما تمرّ الخيبات.

سَيُقَاضِيكُمُ التَّأْرِيخُ وَأَنَا

سَيُقَاضِيكُمُ التَّأْرِيخُ وَأَنَا

سَيُقَاضِيكُمُ التَّأْرِيخُ وَأَنَا

وآمنتُ أنّ بعض الفقد يشبه ثقبًا لا يُردم، مهما حاولنا، تهزمنا هشاشته.

ظننتُ أنني أعرف معنى الخسارة حين جربتُ موت أمي؛ كيف أشرح لها الآن أنّ فقد الضنى لا يكسر القلب فحسب، هو يلتفُّ كأفعى حول الرغبة في الحياة، يعتصرها حتى تبهت، ثم تتلاشى.

يبدو أنّ الفقد حين يبلغ ذروته، لا يكسرنا فقط؛ بل ينحتنا من وجعٍ آخر.