اقتباسات من كتاب المحاسن والأضداد

❞ كتَبَ أرسطاطليس في رسالته إلى الإسكندر: واعلم أنَّ الأيام تأتي على كلِّ شيءٍ فتُخلِقه وتُخلِق آثاره، وتُميتُ الأفعال إلَّا ما رَسَخ في قلوب الناس، فأودِعْ قلوبهم محبَّةً آبِدَة تُبقي بها حُسنَ ذِكرك وكريم فِعالك وشَرَف آثارك. ❝

❞ قال صلى الله عليه وسلم: «تَجافَوا عن ذنْبِ السَّخي، فإنَّ الله آخِذٌ بيده كُلَّما عثُر.» ❝

❞ وقال آخر:

⁠‫فيا عجبًا لمنْ رَبَّيتُ طفلًا

⁠‫ألقِّمُه بأطراف البَنان

⁠‫الله أعلِّمُه الرماية كل يوم

⁠‫فلما اشتدَّ ساعدُه رَماني

⁠‫أعلِّمه الفتوة كل حينٍ

⁠‫فلما طرَّ شاربُه جَفاني

⁠‫أعلِّمه الرِّواية كلَّ وقت

⁠‫فلما صار شاعِرَها هَجاني ❝

❞ قال المأمون: الإخوانُ ثلاثُ طبقات: طبقة كالغِذاء لا يُستغنى عنه، وطبقة كالدَّواء يُحتاج إليه أحيانًا، وطبقة كالدَّاء الذي لا يُحتاج إليه. ❝

❞ قال علي بن أبي طالب — رضي الله عنه وأرضاه — لابنه الحُسين: ابذُل لصديقك كلَّ المودَّة، ولا تطمئنَّ إليه كلَّ الطمأنينة، وأعطِه كلَّ المُواساة، ولا تفشِ إليه كلَّ الأسرار. ❝

❞ قيل: وُجِدَ في بعض كُتُب الهند: ليس لِكذوبٍ مُروءة، ولا لضَجُورٍ رِياسة، ولا لِمَلولٍ وفاء، ولا لبَخيلٍ صديق. ❝

❞ قال الشعبي: عليك بالصِّدْق حيث ترى أنه يضرُّك فإنه ينفعك، واجتنِبِ الكذِبَ حيث ترى أنه ينفعُكَ فإنه يضرُّك. ❝

❞ وقال آخر: الاعتِصام بالمَشورة نجاة. وقال الآخر: نِصف عقلِك مع أخيك، فاستشِره. وقال آخر: إذا أراد الله لعبدٍ هلاكًا أهلَكه برأيِه. وقال آخر: المَشورة تُقوِّم اعوِجاج الرأي. ❝

❞ ال بعضهم: كِتمانُك سِرَّك يُعقِبك السلامة، وإفشاؤك سِرَّك يُعقِبك النَّدامة، والصبر على كِتمانِ السِّرِّ أيْسَرُ من الندَّم على إفشائه. ❝

❞ كان ابن عبيدة الرَّيحاني المتكلم الفصيح صاحِب التَّصانيف يقول: الصمتُ أمانٌ من تحريفِ اللفظِ وعِصمةٌ من زَيغ المنطِق وسلامةٌ من فضول القَول. ❝

❞ قال بعضهم: من حَصافة الإنسان أن يكون الاستماع أحبَّ إليه من النُّطق إذا وجَد مَنْ يكفيه؛ فإنه لن يعدِمَ الصمتُ والاستماع سلامةً وزيادة في العلم. ❝

❞ قال قسامة بن زُهير: يا معشر الناس، إنَّ كلامَكم أكثرُ من صمتِكم، فاستعينوا على الكلام بالصمتِ وعلى الصواب بالفِكر. ❝

❞ أكثم بن صَيفي: مَقتلُ الرَّجل بين فَكَّيْه (يَعني لِسانه). وقال: رُبَّ قولٍ أشدَّ من صَول. وقال: لِكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطة. وقال المهلَّب لبَنِيه: اتَّقوا زلَّةَ اللِّسان، فإني وجدتُ الرجل تعثُر قدمه فيقوم من عثرته ويزلُّ لِسانه فيكون فيه هلاكه. ❝

❞ الكتاب هو الجليس الذي لا يُطْرِيك، والصديق الذي لا يَقليك، والرفيق الذي لا يَملُّك، والمستمِع الذي لا يَستزيدُك، والجار الذي لا يَستبطِئك، والصَّاحِب الذي لا يُريد استخراج ما عندك بالمَلَقِ ولا يُعاملك بالمكر ولا يخدعك بالنفاق. ❝

❞ الجاحظُ في بعض حكاياته يعمدُ في بداية الحكاية إلى الإلحاح في تصوير حَدَثٍ عاديٍّ، غالبًا ما يقعُ للشَّخصيَّة، أو في وصف صفةٍ ما تتعلَّقُ بها، حتَّى يبدو ذلك أشبه بإرهاصةٍ توحي بأنَّ أمرًا طريفًا أو غريبًا سيقع ❝

❞ إنَّ موهبة الجاحظ القصصيَّة جعلته من رُوَّاد هذا الفنِّ حيث توافرت عنده مُعظم عناصر الحكاية من عنايةٍ بالمطلع وشخصيَّاتٍ وحوارٍ وعُقدةٍ وصولًا إلى الحلِّ. ولذلك نجد البداية في الحكايات تشدُّنا إليها في الغالب. وتُغرينا بمتابعة القراءة. ❝

❞ قال ابنُ قُتَيْبة الدِّيْنَوَرِيُّ (ت 276ﻫ/ 889م): «ثمَّ نصيرُ إلى الجاحظ، وهو آخر المُتكلِّمين والمعاير على المتقدِّمين، وأحسنهم للحجَّة استشارة، وأشدُّهم تلطُّفًا لتعظيم الصَّغير حتَّى يعظُم، وتصغير العظيم حتَّى يصغُر، ويبلُغ به الاقتدار إلى أن يعمل الشَّيء ونقيضه» ❝

❞ أشار الجاحظُ إلى طائفةٍ من الأدباء البصريين أطلق عليهم اسم «المسجديين»، وهُم قومٌ اتَّخذوا المسجد منتدًى لهم، وطال غشيانهم له، فعُرِفُوا به، ونُسِبُوا إليه، وكانوا خليطًا من النَّاس منهم الشُّعراء ومنهم الأدباء ❝

❞ ظاهرة التَّحسين والتَّقبيح:

⁠‫هي القُدرة اللُّغويَّة والعقليَّة التي يتمتَّع بها الأديبُ في حديثه عن موضوعها وتحسينه للقارئ، والإتيان بأدلَّةٍ عقليَّةٍ ومنطقيَّة توضِّح وجهة نظره. ومن ثمَّ يعودُ فيُقَبِّحُ هذا الشَّيء بأدلَّةٍ عقليَّةٍ ومنطقيَّةٍ جديدةٍ. ❝

❞ وقد زَخَرَ هذا العصر بكوكبةٍ من حاملي مشاعل التَّنوير الذين أخذوا على عاتقهم مهمَّة مهاجمة عناكب الجهل والتَّجهيل، وأفاضوا في استيداع الأوراق وافر معارفهم، وكثيف رُؤاهم، وغزير آرائهم. وتُعَدُّ كتاباتهم التي بقيت وقُدِّرَ لها أن تنجو من الضَّياع ضياء فجرٍ. ❝