اقتباسات إبراهيم ناجي

قسَتِ الحياةُ على الطريدِ

فقم بنا ننعى الحياة

وقسا الحبيبُ على الغريبِ

فلا الدموع ولا الصَّلاهْ

فرغ الحديثُ ومن رواه

طُوِيَ الكتابُ فمن طواهْ؟

عجباً لهذا الحب من

بدءِ الزمانِ لمنتهاهْ

وقضائِهِ بين الذي

حفظ الوفاءُ ومن سلاهْ

قتلى الهوى لا يُذكرون

ولا حساب على الجناهْ

وإذا ونى قلبي يدق مكانه شممي وتخفقُ كبرياءُ همومي

إني لأحمل جعبتي متحديًا زمني بها وحواسدي وخصومي

أحني لعرش الله رأسًا ما انحنى بالذل يومًا في رحابِ عظيمِ

فالمسألة ليست إذن مجرد خلق، ولا مجرد شعلة لمعت اعتباطًا! وإلا انهار «المخلوق» ابن الصدفة وخبت الشعلة وليدة الأقدار! ولكن الذهن المدبر الذي خلق هذه الحياة، تفنن في الطرق التي تكفل استمرار الحياة، والتي تضمن لها البقاء.

إن الحياة من أولها إلى آخرها نداء واستجابة أو بعبارة أخرى: دوافع حيوية والرد عليها،

في كتابه عن فن الحياة، في الجزء الخاص بالحب حين قال أن الحب هو "فن الجنس" وفسر ذلك بأن الطبيعة تعطينا أدوات الفن في شكل خام أي أن المصور مثلاً يجد لديه الأدوات اللازمة للتصوير في متناول يديه فعليه هو

انظري ضِحكي ورقصي فرحا

‫وأنا أحمل قلبًا ذبحا

‫ويراني الناس روحًا طائرًا

‫والجوى يطحنني طحن الرحى

‫ليت شعري أين منه مهربي

‫أين يمضي هارب من دمهِ

‫يا غرامًا كان مني في دمي

‫قدرًا كالموت أوفى طعمهِ

‫ما قضينا ساعة في عرسه

‫وقضينا العمر في مأتمهِ

‫ما انتزاعي دمعة من عينه

‫واغتصابي بسمة من فمهِ

كيف ذاك الحب أمسى خبرًا

‫وحديثًا من أحاديث الجوى

‫وبساطًا من ندامى حلم

‫هم تواروا أبدًا وهْو انطوى …

قالت تعالَ فقلت لبيكِ

‫هيهات أعصِي أمرَ عينيكِ

‫أنا يا حبيبة طائر الأيكِ

‫لم لا أغني في ذراعيكِ

تتعاقبُ الأقدارُ وهي مسيئةٌ

‫كم عقَّنا ليلٌ وخان نهار!ُ

‫وكأنما هذا الفضاء خطيئة

‫وكأن همسَ نسيمِه استغفارُ

تحتمي الوردةُ بالشوكِ فإن

‫كثر القطَّافُ لم تغنِ الإبرْ

‫آهِ من غصنٍ غنيٍّ بالجنى

‫ومِن الطامع في ذاك الثمرْ

‫آه من شكٍّ ومن حب ومن

‫هاجساتٍ وظنونٍ وحذرْ

وإنما الحبُّ حديثُ العلى

‫أنشودة الخلدِ ونحنُ الرواهْ

يا من غَفَتْ والفجرُ من دارِها

‫شعشعَ في الآفاق أبهى سناهْ

‫قد طرق البابَ فتًى متعبٌ

‫طال به السير وكلَّت خطاهْ

‫نقَّل في الأيام أقدامَهُ

‫يبغي خيالًا ماثلًا في مُناهْ

‫عندك قد حطّ رحال المنى

‫وفي حمى حسنِك ألقى عصاهْ

فإني إذا جن الظلامُ وعادني

‫هواك فأبديتُ الذي لم أكن أبدي

‫وملتُ برأسي كابيًا أو مواسيًا

‫وعندي من الأشجان والشوقِ ما عندي

وكنت إذا ناديتُ لبَّيْتِ صرختي

‫فوا أسفًا كم بيننا اليوم من سدِّ!

‫سلامٌ على عينيك ماذا أجنتا

‫من اللطف والتحنان والعطف والوُدِّ؟!

‫إذا كان في لحظيك سيفٌ ومصرعٌ

‫فمنكِ الذي يُحيي ومنكِ الذي يُردي

بعينيك أستهدي فكيف تركتني

‫بهذا الظلام المطْبق الجهْم أستهدي

‫بورْدِكِ أستسقي فكيف تركتني

‫لهذي الفيافي الصمِّ والكُثُب الجردِ

‫بحبكِ أستشفي فكيف تركتني

‫ولم يبق غير العظم والروح والجلدِ

أيا مصرُ ما فيك العشيَّةَ سامرٌ

‫ولا فيك من مصغٍ لشاعرك الفردِ

‫أهاجِرتي، طال النوى فارحمي الذي

‫تركتِ بديدَ الشَّملِ منتثرَ العقدِ

‫فقدتكِ فقدانَ الربيعِ وطيبه

وعدتُ إلى الإعياء والسقْم والوجدِ

‫وليس الذي ضيعتُ فيك بِهَيِّنٍ

‫ولا أنتِ في الغياب هينة الفقدِ

أيا مصرُ ما فيك العشيَّةَ سامرٌ

‫ولا فيك من مصغٍ لشاعرك الفردِ

‫أهاجِرتي، طال النوى فارحمي الذي

‫تركتِ بديدَ الشَّملِ منتثرَ العقدِ

‫فقدتكِ فقدانَ الربيعِ وطيبه

فيا أيكة مدَّ الهوى من ظلالها

‫ربيعًا على قلبي وروضًا من السعدِ

‫تقلصتِ إلا طيفَ حبٍّ محيِّرٍ