اقتباسات إبراهيم ناجي

والفنان هو حمار الوحش لأنه يجيد فنون العدْو، والمفن هو البارع الكثير الحيل ‫ وهنا يتناول أهل الغرب مسألة الأدب من حيث كونها «فنًّا» فيقولون: إن رسالة الأدب كرسالة الفن «البحث عن الجمال» ‫

فقسموه إلى أدب النفس «التهذيب» وأدب الدرس «المعرفة»، فإذا تركنا أدب النفس جانبًا، والتفتنا إلى أدب الدرس الذي أخذ بتطور العلوم والمعارف والثقافات يطغى على النصف الأول لمعنى كلمة الأدب حتى كاد أن يمحوها من الأذهان، وجدنا سؤالًا واحدًا يصاحب الأذهان❓

رسالة أبناء الحياة، فالحياة تسعى إلى البقاء، وتهدف للكمال، فرسالة أبنائها أن يتعاونوا على البقاء والكمال.

‫ وحين أقول: «أن يتعاونوا» أعني كلمة التعاون بأوسع معانيها، رسالة الحياة الكبرى هي في هذا التعاضد والتكاتف لبلوغ الغاية.

الموت يمنع الحياة من التكاثر المطلق الذي يؤدي إلى إفنائها بتطاحن أبنائها وتقاتلهم على الحطام، وبذلك يصونها ‫ والثاني أن تحديد دورة الحياة بحتمية الموت، هو السبب في الاختراعات بأنواعها، وفي الإتيان بأروع الأعمال في تلك الحقبة الصغيرة من عمر الإنسان.

الذهن المدبر الذي خلق هذه الحياة، تفنن في الطرق التي تكفل استمرار الحياة، والتي تضمن لها البقاء.

‫ فرسالة الحياة إذن استمرار الحياة.

‫ وقد ضمن للحياة أن تستمر شيئان:

‫(١) قطبها ومحورها، وهو الجنس.

‫(٢) ضدها ومفنيها، وهو الموت.👪👶👻

وكنت إذا ناديتُ لبَّيْتِ صرختي

‫فوا أسفًا كم بيننا اليوم من سدِّ

وليس الذي ضيعتُ فيك بِهَيِّنٍ

‫ولا أنتِ في الغياب هينة الفقدِ

غرامُك لي معبدٌ طاهر دعائمهُ شيدت من ولوعي تعهدت محرابهُ بالوفاءِ و أُوقدت فيه الهوى من شموعي

‫لا حبَّ إلا حيث حلَّ ولا أرى

‫لي غير ذلك موطنًا ومقامَا

‫وطني على طول الليالي دارهُ

‫مهما نأى وهواي حيث أقامَا

‫والأرضُ حين تضمُّنا مأهولةٌ

‫لحظاتُها معمورةٌ أيَّامَا

يا فؤادي العمر سِفْرٌ وانطوى

‫وتبقتْ صفحة قبل النوى

‫ما الذي يغريك بالدنيا سوى

‫ذلك الوجه، وذياك الهوى؟!

لا البرأ زار ولا خيالك عادا

ما أكذب الأمال والميعادا

يا حبيبي كان اللقاءُ غريبًا

‫وافترقنا فبات كلٌ غريبَ

ومن عجب أحنو على السهم غائرًا

‫ويسألني قلبي متى يرجع الرامي!

‫بعض الهوى فيه الدمارُ وإنما

‫بعض النفوس على الدَّمار حِراصُ

‫فيكون فيه القيد وهْو تحرّرٌ

‫ويكونُ فيه الموتُ وهْو خلاصُ

‫آمنت بالحبِّ القوي وحتمِهِ

‫ما من هوايَ ولا هواكِ مناص

‫إن كان داءً فالسقامُ دواؤُه

‫أو كان ذنبًا فالمتاب قِصاص!

‫•••

دعا

❞ طال النوى فارحمي الذي

‫تركتِ بديدَ الشَّملِ منتثرَ العقدِ

‫فقدتكِ فقدانَ الربيعِ وطيبه

‫وعدتُ إلى الإعياء والسقْم والوجدِ

‫وليس الذي ضيعتُ فيك بِهَيِّنٍ

‫ولا أنتِ في الغياب هينة الفقدِ ❝

‫وإذا بكيتُ فقد بكيتُ مخافةً

‫من أن يكون غرامُنا أحلامَا

‫ولربما خطرَ النَّوى فبكيتُهُ

‫من قبل أن يأتي البعادُ سجامَا

‫فؤادي قل لها لما افترقنا

‫على شجن، وما نرجو اللقاءَ

‫حببتكِ ما شدوت لديك شعرًا

‫ولكني اعتصرتُ لكِ الدماءَ

‫إذا أنا في هواك أضعت روحي

‫فلست أضيعُ فيك دمي هباءَ

كيف ذاك الحب أمسى خبرًا

‫وحديثًا من أحاديث الجوى

‫وبساطًا من ندامى حلم

‫هم تواروا أبدًا وهْو انطوى …

‫فالحبُّ آسيه وراء عليله

‫فيهم، وبلسمه على ما يجرحُ

‫يا قلبُ! ويح ثباتنا ماذا جنى

‫أترى شعاعًا في البقيةِ يُلمحُ!