اقتباسات أحمد عويضة

حلو

يستحم، ثم يخرج وينتشر في المنزل كأنه قد استيقظ للتو ويستعد للذهاب إلى عمله. أقوم من مرقدي وانقضُ على سلة الغسيل أبحث في ملابسه الداخلية عن أي شيء يثير الريبة فلا أجد سوى الاتساخ! أضع الملابس في الغسالة كي لا يراها الأولاد.

كلب يتعلم المشي

‫ طقطق أذنيه متحسسًا أي صوت أقدام قادم في هذه الساعة المبكرة جدًا من الصباح، ساعة عمال التراحيل كما كان يسميها أبوه، رغم أن عمال التراحيل لا يسكنون حيَّه، هم فقط يأتون إليه

ما بال تلك البلدة قد صارت تُدار بالأحذية؟

‫ قالها أحدهم وهو يمازح زوجته، بعدما سمعا المنادي يصيح بأن الأميرة ترغب في شراء أي حذاء كريستالي، وإن كان فردة واحدة، بثمنٍ مجزٍ للغاية.

«يجب أن نعثر على فردة الحذاء الأخرى، هي ما يمكن أن يُديننا، ولو صار في حوزتك فلن نخاف من أي واحدة تدّعي أنها صاحبته الأصلية».

‫ ختمت الوصيفة عبارتها بنظرة متطلعة إلى سيدتها تنتظر ردة فعلها،

لحظةٍ أدرك فيها لماذا قال عمرو دياب هو الحب إيه غير لمسة من إيديه، ولماذا أصرّ منير على أنه من أول لمسة غيَّر له سنينه. ‫ عمرٌ مرَّ خلالهما،. ‫ وأطفال حملوا صفاتهما سويًا وكبروا حتى صاروا فتيانًا وفتيات. ‫ ومازال غير قادر أن يعبر لها عن الشعور الذي اجتاحه في تلك اللحظة.

يتقاسمان تكاسل الصباح ودندنة أغاني شريط عمرو دياب الجديد.

فالحظُ لا يُحالف الحالمين ‫ عشرات الأيام مرت وأنا أتساءل هل ستأتيني البومة اليوم؟ أنتظر أن تبزغ النجوم بلهفةٍ وخوف، حتى أسمع صوت خفقان جناحيها الكبيرين فأطمئن ‫ البومة الآن بجواري، أتتني ذات يومٍ ولم تُغادر ثانية شاهدت الورود التي نجحنا في زراعتها بعد عشرات المحاولات.

مترونوم الكون لكني لم أعرف قط عما شعر به بعد اختفائي في البرج ‫ صارت البومة زائري اليومي، تأتي بالخطاب وشتلة الورد، ظننتُ في البداية أن البومة هي من التقطت تلك الشتلة، لكن بعد عدة أيامٍ فطِنتُ إلى أنه هو من يرسلها.

شعرتُ بقلبي، الذي كان زجاجيًا ذات يوم، يتحطم ‫ لا يهم. سأقاوم هواجسي، هي مجرد هواجس لا أصل لها سأقاومها بحبي وأنتظرها ‫ هل تنتظر النهاية؟ أخبرتك سابقًا أنها لن تكون سعيدة، أليس كذلك؟ لكني بدلت رأيي، لن أجعلها حزينة.

ظلت الكومة ثابتةً لا تتحرك، ثم شرعت في الانكماش يومًا بعد يوم، في نفس الوقت الذي أخذ شقٌ جديد في حفرِ نفسه، في جذعها، حتى أصبحت الكومة في مستوى الأرض، والشق أعمق من كل إخوته ‫ ختم الحكاية وهو يسحب نفسًا من الجوزة

لا يرغب سوى في أن تظل سكنه حتى يموت، ثم انتزع قطعة الخشب من حول رقبته وغرسها في قلبه، ليشرب الخشب من دمه ويصبحا في رباطٍ لا ينفك أبدًا ‫ مئات الشقوق زادت من جمال شجرة الياسمين، وآلاف الشعيرات سقطت من رأسه

‫ لم يتوقع أن يستغرق كل هذا الوقتُ لينتهي من مهمة حياته، كما أسماها شقوق وأخاديد كثيرة احتاجت أيامًا لتنبض بالحياة من جديد، كلما انتهى وجدها عادت إلى صورتها القديمة، فينفخ فيها من روحه مرة أخرى، ويزرع داخلها وردًا شعر بالخوف يهزها.

زهرتا أقحوان متعانقتان ومائة يوم

‫ ألفت البومة الطريق بين بيتي وبرجها، وألِفها الطريق، يُحيِّيها بالزهور التي تنبت على جانبيه. هي تعرف أين تذهب البومة، فتهتف لها مشجعة على إتمام مهمتها المقدسة.

ختمها بابتسامةٍ ومسح كفَّيه في جذعها، فأسقطت زهرةً فوق رأسه، أخذها برفقٍ وقرَّبها من أنفه، تنشق عطرها في أنفاسٍ هادئةٍ كي تستوعبه روحه، ثم وضعها في جيب بنطلونه الجينز، وانصرف يتبع أشعة الشمس، على وعدٍ بالعودةٍ قبل الغروب.

تراه يأخذ السنوات من عمر الغرفةٍ ويحملها هو على كتفيه، فيشيخ وتصبى هي لم تُخبره بما ترى حتى لا تجرح انبساطه، ورددت داخل نفسها إن الروح فقط هي ما يُهم وليس ما يبدو عليه كانت لا تعرف بأمر قطعة الخشب المغروسة في قلبه.

لِم أحلم بفتاةٍ وأنهض من نومي مُفكِرًا في أخرى! طعم ريق فتاتي ما زال في فمي، وعقلي سارحٌ رغمًا عني في التي كانت لي، حتى رفضتنا الحياة وأخبرتنا أنها أصغر من أن تستوعبنا معًّا.

كل من يسمع اسم البلو-هول، ساهموا في إبعاد المتطفلين عن شمسي ‫ مائتان وأربعة وسبعون يومًا وأربعة عشر بقعةٍ بنفسجية في جسدي انتبهت للبقعة الأولي في جانبي الأيمن صدفةً، يوم أن تخلصت من الغواص الأول، بنفسجية كأنها كدمة، جافةً، كأنها قشرة، دون ألم

وطلاءات أخرى لما نتلفظ به، والكثير من المواد المعطرة لنخفي روائح أجسادنا ‫ لم أغرق، ولكني تركت عالمًا مليئًا بالبلياتشوهات، بل هو ممتلئ بنسخ من نفس البلياتشو غادرته وقررت أن أعود لأصلي، حيث يرتاح قلبي وأكون أنا .

‫ لم أغرق، و لكنني عدت إلى وطني.

لم أغرق، بل تركت عالمًا لم يخصني يومًا مكتبًا أعطب ظهري كثرة الجلوس عليه، وأنا أعمل بلقمتي كالأمة، حتى بعد أن ادعوا انتهاء تجارة الرقيق ‫ فشلت في إتقان تغطية الحقائق والاختباء خجلًا منها، ولم أكن ماهرةً في وضع الكثير من المساحيق و الطلاءات التي تخفي العيوب و الديفوهات.