رواية بوليسية لضابط تقع له أحداث غريبة تجعله يدور حول نفسه ليكتشف أنه كان ضحية عقول جبارة استطاعت أن تسيطر عليه وتتحكم في تصرفاته وتصوراته وتبعده عن القصد الحقيقي الذي يريد الوصول إليه، ينتقل مع الأحداث عبر خيوط متصلة يظن أنها تقربه من الحقيقة إلا أن الخيوط كانت تلتف حول عنقه لتجره لمصير مجهول.
تتميز هذه الرواية في ثلاثة جوانب مهمة للرواية القطرية:
أولاً: أنها رواية بوليسية وهذا النوع من الروايات غائب عن المشهد الثقافي في قطر حسب علمي ووجود عمل روائي في هذا الجانب مهم لكي نحقق التنوع ونخرج من نمط الرواية الكلاسيكية والتاريخية والبيئية التي تحاكي الماضي مما جعلها النمط السائد في المشهد الروائي القطري.
ثانياً: مساحة الخيال الواسعة في الرواية التي تجاوزت الحدث ولعبت فيه بشكل غير مسار الرواية من التصور الوهمي لقوى ما فوق الطبيعة إلى التحليل الحقيقي للأحداث عبر سلسلة أفكار تفند الوهم وتحقق للقارئ رؤية مدهشة في النهاية.
ثالثاً: كمية الأحداث الكبيرة في والتي تجعل القارئ يتتبع الحدث بشكل متواصل ليصل إلى حل اللغز المتشعب الذي وضعه الكاتب بشكل تسلسلي جيد جداً وربط الأحداث عبر، الشهد الآني، العودة إلى الماضي، الخيال، وهذه الأمور كفيلة أن تربط القارئ بالرواية بشكل جيد.
إلا أن هناك ملاحظات مهمة في هذه الرواية يجب أن نضعها في الاعتبار منها مثلاً:
تجاوز الكاتب لتفاصيل بعض الأحداث التي لا تتطابق مع الواقع لكنها تخدم الرواية في تسلسل أحداثها، ورغم أنه يجوز للروائي ما لا يجوز لغيره إلا أن من المهم في هذا النوع من الأعمال الأدبية أن يكون هناك واقعية أكبر للحدث لترسم مشهداً مقنعاً أكثر للقارئ.
تكرار بعض المشاهد في الرواية منها مثلاً كلام يعقوب الذي تتكرر على لسان أمه في أخر الرواية بشكل متطابق لحد كبير.
كثرة شخصيات الرواية المؤثرة على الحدث ورغم ذلك هناك وضوح في توزيع الأدوار لكن هذا لا يلغي أن عدد الشخصيات الكبير يشتت القارئ.
تمنيت وأنا أقرأ الرواية أن تكون أحداثها في قطر لكن الكاتب وضعها في مكان متخيل وهذا الشيء أفضل من أمنيتي فقد أتاح له مساحة أكبر لخدمة الأجزاء المتخيلة للزمان والمكان والشخصيات بحيث يستطيع القارئ أن يرى المشهد بشكل يفوق التصور المحلي للأحداث ويتماهى مع الفنتازيا والخيال.
تحرير الرواية ممتاز وإخراجها جيد وتويع فصولها وأبوابه سلس تقع الرواية في 289 صفحة من القطع المتوسط، أنصح بقراءتها.

