لوغاريتمات الشهرة

عمرو منيف دهب

دار منشورات ضفاف

2022

146 صفحة

فى رحلة فكرية ممتعة وذكية داخل عالم غريب ومليء بالتناقضات عالم الشهرة.

هذا العالم الذي يجمع بين السعي والحظ، بين الجهد والصدفة، وبين الرغبة في الظهور والخوف من التلاشي.

ينطلق الكاتب من فكرة بسيطة لكنها تمس الجميع تقريبًا فالشّهرة أصبحت حلم العصر، والكل يتحدث عنها ويسعى إليها، حتى من لم تكن تخطر بباله، باتت تطارده من بعيد.

ومع ذلك، لا تأتي الشهرة دائمًا لمن يسعى وراءها، بل كثيرًا ما تزور من لم يطلبها أصلًا.

من هنا يبدأ الكاتب في تفكيك مفهوم الشهرة وكأنها معادلة رياضية معقدة، تتعدد فيها المتغيّرات، ولا يمكن الوصول فيها إلى نتيجة واحدة.

ومن هذا المنطلق جاء العنوان الذكي "لوغاريتمات الشهرة" الذي يعبّر بدقة عن طبيعة الفكرة الشهرة كمسألة يصعب حلها بطريقة واحدة.

من أبرز الفصول التي تترك أثرًا لدى القارئ فصل "تسول الشهرة"، الذي يطرح فكرة جريئة عن أولئك الذين فقدوا الثقة في أنفسهم، فحاولوا تعويض هذا النقص بالبحث المحموم عن اهتمام الآخرين. وفي فصل "لا خطة سرية"، يوضح الكاتب أن كثيرًا ممن أصبحوا اليوم رموزًا عالمية، لم يتبعوا خطة مدروسة أو استراتيجية عبقرية، بل ساعدهم القدر والصدفة في الوصول إلى ما هم عليه، وأن الحظّ قد يلعب دورًا لا يقلّ أهمية عن الموهبة أو الجهد.

ويتوقف الكاتب عند الفارق بين النجاح والشهرة، ليقول

"ليس كل ناجح مشهور، ولكن كل مشهور لا بد أن يكون ناجحًا بدرجة ما."

غير أن الكاتب هنا يفتح بابًا واسعًا للنقاش، فهذه المقولة ليست دقيقة تمامًا؛ إذ إن كثيرًا من المشاهير اليوم قد نالوا شهرتهم من أمور سلبية لا علاقة لها بالنجاح الحقيقي، بل أحيانًا بما هو مرفوض اجتماعيًا أو أخلاقيًا.

ويأتي أحد أجمل الفصول بعنوان "الخلطة السرية"، حيث يؤكد الكاتب أن الناس تسعى باستمرار لاكتشاف وصفة مضمونة للنجاح، كأن الشهرة يمكن أن تُختزل في وصفة جاهزة أو "كود" سحري.

لكنه يرفض هذا التصور، موضحًا أن لكل تجربة بصمتها الخاصة، وأن النجاح الحقيقي لا يأتي من التقليد، بل من التميّز والهوية الفردية.

هذه الرؤية تجعل الكتاب أقرب إلى تأمل فلسفي وفكري في معنى الشهرة، لا مجرد دليل عملي للوصول إليها.

يتطرق الكاتب كذلك إلى نماذج من المشاهير مثل باراك أوباما وبيل غيتس، ليوضح من خلالهم تنوّع مسارات الشهرة واختلاف طرق الوصول إليها.

كما يبرز في فصل "موهبة الشهرة" مثال الفنانين سلفادور دالي ومايكل أنجلو، ليعرض كيف استطاع بعض المبدعين تحويل الشهرة إلى فنّ بحد ذاته، وكيف تعاملوا مع الأضواء بوعي جعلهم يحتفظون بخصوصيتهم رغم انفتاحهم على الجمهور.

ويتعمق الكتاب في فصول متعددة تربط الشهرة بمجالات مختلفة من الحياة: الإعلام، رجال الدين، المرأة، المؤسسات، الطعام، الجواسيس، واليائسون، بل وحتى الشهرة بعد الموت.

جميعها فصول تؤكد أن الشهرة ليست حكرًا على مجال أو فئة، بل ظاهرة إنسانية تتغلغل في كل تفاصيل الحياة الحديثة.

في النهاية، يمكن القول إن "لوغاريتمات الشهرة" ليس كتابًا عن كيف تصبح مشهورًا، بل عن كيف تفهم الشهرة نفسها.

إنه دعوة للتفكير في جوهرها، وفي ما تخفيه من أوهام وأضواء زائفة.

بأسلوبه الرشيق وتحليله العميق، يقدم عمرو منيف دهب عملًا يجمع بين الفكر والمتعة، ويترك القارئ يتأمل موقعه من هذا العالم الصاخب الذي يُدعى "الشهرة".

#ما_وراء_الغلاف_مع_DoaaSaad

#أبجد

#لوغاريتمات_الشهرة

#عمرو_منير_دهب

#منشورات_ضفاف