بعدما انتهيت منها سالت نفسي: ماذا يمكنني أن اكتب عن عمل عبقري مثل هذا ؟ ....رواية تحتاج للقراءة ة مرات. وتجمع بين عمق رواية المحاكمة لفرانز كافكا . وبين ما قدمه الماغوط في مسرحه. كيف يعيش المواطن العربي في ظل قمع السلطات المتعاقبة له ودعسها بأقدامها الثقيلة على إنسانيته . كيف يمكن أن تتحقق الكرامة وسط سيل المخاوف والرقابة المحكمة التي تطبق على صدره وتحصي عليه أنفاسه

جمال الرواية أنها تطرح التساؤلات. تعرض حكاية مواطن بلا اسم بجد نفسه مطلوبا للمثول أمام لجنة لا نعرف طبيعة مهامها!

من هنا تنطلق الأحداث. في ثلاث اماكن فقط .

الراوي يطلب منه بحث عن شخصية عربية لامعة ..إن لاقى البحث قبول اللجنة ترفع يدها عنه . هكذا ببساطة .

وهنا يفرغ الروائي العظيم صنع الله إبراهيم كل ما في جوفه من غضب وسخرية وتهكم من واقعنا في بلادنا

نجده يضعنا أمام صدمات متكررة

فالشخصية موضوع البحث مثير للجدل . من هؤلاء المتسلقين المتلونين مع كل مذهب وكل تيار يأتي للحكم

مع الاشتراكية القومية يتحمس ويتغنى بالشعارات

ومع الرأسمالية يعقد الصفقات ويدخل في شراكات مع الدول المعادية . وهكذا . ومن يفكر بالبحث عن تاريخه وجذوره

فلا يلومن إلا نفسه

فما هو يا ترى مصير بطلنا؟

وهل تكافؤه اللجنة ؟ أم تحل عليه عقوبة مروعة؟

ام ترى تتركه وهو يعلم جيداً أن هناك من يراقبه ويتتبع خطواته خطوة خطوة . ربنا يبلغ به الضيق والضجر للانتحار؟!

تساؤلات كثيرة لا حصر لها .. يضعنا أمامها صنع الله إبراهيم

وربما روايته تعتبر جرس إنذار . إن نفيق من غفوتنا ونتشجع على التمرد .. ونفعل ما بوسعنا لنقرر مصيرنا ونعيش بكرامة.