منذ السطور الأولى للرواية يأخذنا "ماجد سنارة" إلى عالم مشحون بالتوتر والدهشة: "أهل قرية كفر عمر مصطفى حولي، يبدو عليهم الذعر، يطل القلق من العيون... أشلاء أمامي، الرأس مقطوع...". هذه البداية تكشف عن قوة لغته وقدرته على شد القارئ فورًا.
أنا شخصيًا أتعجب دائمًا من قوة "ماجد" الأدبية ومرونته في التعامل مع النصوص. قرأت له من قبل حب امتلاك والسبخة وغيرها، والآن أتابع بشغف روايته الأخيرة شرائط مؤدبة التي أوشكت على الانتهاء منها. أكثر ما يميز كتاباته هو استخدامه البارع للعامية داخل النصوص؛ حيث يمنح الحوارات عمقًا وقوة نادرة.
شخصية المحقق "منصور زوربا" كانت المحور الأساسي للرواية. وأظن أن اختيار الاسم لم يأتِ صدفة، بل هو انعكاس لتأثر "ماجد" الكبير برواية "زوربا اليوناني" لنيكوس كازانتزاكيس، التي طالما عبر عن إعجابه بها. في كل الأحوال، شخصيات الرواية مرسومة بدقة شديدة تُظهر وعيًا وبراعة في البناء.
ورغم أن الرواية صغيرة الحجم، ربما لأنها تصدر ضمن سلسلة، إلا أنها متكاملة أدبيًا، وانتهيت منها في جلسة واحدة. ليس لصغر حجمها فقط، ولكن لأنها متماسكة.
"ماجد" بالنسبة لي ليس مجرد كاتب مبدع، بل صديق وجار عزيز. وأراه من أبرز الأصوات الأدبية والثقافية في الوقت الحالي. يعجبني فيه أنه دائمًا فخور ببيئته وقريته التي شكلت خياله وأغنت تجربته الأدبية.
باختصار: "جريمة في كفر عمر مصطفى" رواية ممتعة، عميقة، وتستحق القراءة بكل تأكيد. وأتمنى أن يواصل "ماجد" إنتاجه الأدبي المميز الذي يستحق أن يحظى بالاهتمام.