رواية "غير مرئية" – تأليف شيرين فتحي
هذه هي قراءتي الثانية للرواية، ولا أخفي أنني أحببت أسلوب شيرين فتحي الخاص؛ إذ أحاول أن أفكّ عن نفسي حاجز العزوف عن القراءة، بعد انقطاع دام أيامًا قليلة.
أحبّ شيرين فتحي لأنها نجحت في خداعي؛ فهي بارعة في لعبة الكلمات، متقنة لها داخل مجتمع ثقافي معقّد.
ولا أنكر أنها تستحق النجاح الكبير الذي نالته في بعض أعمالها.
فهي تناقش في هذه الرواية الشكّ في الكتابة، ذلك الشكّ الذي يبدو لي أصعب بكثير من مسيرة الكتابة الأدبية والثقافية ذاتها.
شيرين، كما أراها، موهوبة بالفطرة؛ تجيد التلاعب بالكلمات، وتنسج نصوصها من كل الحروف، وتُحسن السرد في فصول الرواية دون أن تسقط الحبكة، بذكائها اللامع وقدرتها على تقمّص أدوار شخوصها.
تقمّصت هنا دور المؤلف الذي يسرد حكايته بين والدته وشقيقه، اللذين يرونه مؤلفًا حقيقيًا، في انعكاسٍ صادق لواقعنا، حيث يتداخل الخيال الأدبي بالواقع القاسي.
الرواية تحكي عن كاتبٍ غارق في أفكاره، يعيش صراعًا نفسيًا واجتماعيًا في مجتمعٍ متخم بالتناقضات، وتتناول علاقته المعقّدة بأخيه بعد وفاة والدتهما.
السرد يأتي بصوت الراوي المتكلم، والتصورات السينمائية تضيف بُعدًا بصريًا داخليًا مدهشًا...
في الحقيقة، هي رواية رائعة، مختلفة، وغريبة بطريقتها... رواية "خارج الصندوق".
الأسلوب الأدبي في الرواية رشيق، والسرد يخلو من الأخطاء الإملائية، مما يجعل القراءة أكثر سلاسة.
وقد علمتني الرواية أن أميّز بين الكاتب الحقيقي والمزيّف... وعشتُ فيها تجربة شعورية عميقة ومُلهمة.