مع مرتبة الشرف > مراجعات رواية مع مرتبة الشرف > مراجعة Nasser Ellakany

مع مرتبة الشرف - عمرو حسين
تحميل الكتاب

مع مرتبة الشرف

تأليف (تأليف) 4.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

يقدم لنا الكاتب المهندس عمرو حسين روايته البديعة المبتكرة "مع مرتبة الشرف"، الرواية تبدو من الوهلة الأولى أنها دراما اجتماعية عادية، هادئة وبسيطة، لكن سرعان ما سنكتشف أننا أمام قطعة فنية نادرة، نص أدبي يزعم الهدوء والبساطة، لكنه يخترق طبقات الرضا الزائف الذي نغلف به حياتنا، وينبش أرض السكينة التي نظن أننا مستقرون فوقها، ويشق أخدودًا عميقًا في نفوسنا، ثم يضعنا وجهًا لوجه أمام كل الأسئلة التي كنا نتجاهلها.

الرواية تبدو كمدونة يوميات رجل أو جيل أو أجيال، هي أشبه بديوان الحياة في مصر، هي مرآة للعقل الجمعي لدينا، أجمل ما فيها أنها سهل ممتنع، كل شيء فيها يبدو عاديًا، كل موقف فيها يبدو مألوفًا، كل شخصيات الرواية عرفناهم من قبل، قابلناهم كثيرًا وتعاملنا معهم، كل أحداث الرواية مررنا بها ذات يوم، واجهناها وعشناها، لم نشعر بأي غربة داخل الرواية، مضينا مع هذا الهدوء وتلك البساطة، فإذا بنا نغوص داخل صفحات الرواية مع بطلها وليد أبو المكارم، لننتبه إلى زلزال خافت رقيق يهز جنبات أبراج الوهم التي نسكنها، تمامًا كما انتبهت الدكتورة حنان بسيوني.

للرواية أيضًا بنية مبتكرة، كان شكل محتويات الرواية كشكل محتويات البحث العلمي المنهجي، بدت الرواية كورقة بحثية تبدأ بملخص ومقدمة، وعرض للدراسات السابقة وللمنهجية المتبعة في البحث، يليها عرض للنتائج المستقاة ومناقشة تلك النتائج، ثم أخيراً الاستنتاجات واستعراض قائمة المراجع، هكذا كانت فصول الرواية تحاكي خطوات أي بحث، انتابتنا الحيرة من ذلك، حتى أخبرتنا الرواية أن: "قصة كل إنسان هي قصة بحث".

كان وليد كمال أبو المكارم يسعى وراء هدف، يريد تحقيقه والوصول إليه، بدأ مشوار الألف ميل ومضى فيه، رأينا كيف قرر دراسة الهندسة، عرفنا كل الأطباء، أفراد الأسرة جميعاً، أبيه كمال وأمه منيرة وأخته مروة وجده سعيد وعمه جمال، كما عرفنا خطيبته وسام وزميله محسن والدكتورة حنان، والدكتور مانوش وسارة بييكاريسكا.

عشنا بجواره في مصر وفي أمريكا، مشينا معه خطوات كثيرة في مشوار الألف ميل، تأرجحنا مع كل القرارات التي اتخذها، الطب أم الهندسة، الخط الأكاديمي أم الخط العملي، طريق العلم أم طريق الرفاهية، الحب أم تحقيق الهدف.

طلت علينا من داخل الرواية كل مفردات الحياة المصرية في ذلك الزمن، البيوت والشوارع والسيارات والعلاقات والأحلام، الزلزال وبريد الأهرام وعبد الوهاب مطاوع وعمرو خالد، وأحمد زويل وطائرة نيويورك، بدايات شبكة الإنترنت وشركات الهاتف المحمول، عرفنا الأطباء والمهندسين والموظفين والسماسرة، وأساتذة الجامعات والقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٢، وشهدنا جمعيات النقود، وانتظرنا مع وليد ووسام طوال سنوات تشطيب الشقة.

كانت اللغة بسيطة وعذبة، حين استلهم الكاتب روح السيَّر الذاتية واليوميات، كان الحكي أقرب لتداعي الأفكار والذكريات، وكان السرد يتجول في الزمن جيئةً وذهابًا، ويتجول داخل النفس صعودًا وهبوطًا، ظلت مقاطع الفصول تتناوب بين الواقع والأحداث الحياتية من جهة وبين الخيال والمشاعر الإنسانية من جهة أخرى، كان كل ذلك يجري بينما تحلق بنا الرواية متنقلة بين الأسئلة الاجتماعية والنفسية وبين الأسئلة الفلسفية والوجودية.

الرواية تتحدث عن أهداف الحياة، عن أولوياتنا فيها، عن المعنى والقيمة، عن الشغف والأحلام، عن الوعد والعهد، عن الرضا والتحدي، عن الإصرار والرضوخ، عن الرفض والقبول، عن الإرادة والقدر، عن قراراتنا التي عليه اتخاذها طوال الوقت، والثمن الذي علينا دفعه مقابل كل قرار.

أردنا أن نعرف متى ينتهي مشوار الألف ميل، فأدركنا أنه طريق بلا نهاية:

"لا أُخفيك سرًّا: عند الميل الألف لن تجد شيئًا!"،

اكتشفنا أن الإنسان يجب أن يمضي في دروب الحياة باحثًا عن سبيل تحقيق هدفه، متمسكًا بشغفه، مصاحبًا لأحلامه، مستمتعًا بكل خطوة وكل لحظة، مصرًا على جودتها، لأن الرحلة هي الهدف الحقيقي، هي السعادة ذاتها، وأن مشوار الألف ميل لا ينتهي عند الميل الألف.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق