انطباعي بعد قراءة

#_رواية_العش_الفارغ_

#_سلوى_رواش

#_دار_دون_للنشر

انتهيتُ مؤخراً من قراءة العش الفارغ، وهي رواية شدتني منذ صفحاتها الأولى، لما فيها من صدق وقرب من واقع كثير من الأسر العربية.

تدور الأحداث حول أسرة مصرية مهاجرة إلى كندا. محور الرواية هو

" ليلى"، الأم التي تعيش حالة من الوحدة والفراغ العاطفي بعد سفر ابنها إلى رومانيا وقراره البقاء هناك دون استكمال دراسته الهندسية، وهي الدراسة التي كانت ليلى تسعى جاهدة لأن يُنهيها، ظنًا منها أن هذا هو الطريق الأفضل لمستقبله.

ورغم محاولات الزوج "هاني"

الرجل الحنون والهادئ، أن يخفف عنها، ورغم مشاركة الجيران لها تفاصيل حياتهم، إلا أن ليلى ظلت غارقة في ألم داخلي، بين الإحساس بالفقد، وعدم تقبّل فكرة أن الابن كبر وأصبح له حياته المستقلة.

ما أعجبني في الرواية أنها لا تكتفي بتصوير مشاعر الأم، بل تغوص أيضًا في دوافع الابن، وتُسائلنا كأهل: هل نترك لأبنائنا حرية الاختيار؟ أم نفرض عليهم طموحاتنا، ظنًا منّا أننا نعرف ما هو الأفضل لهم؟

وخلال قراءتي للرواية، تواصلتُ مع صديقتي الكاتبة سلوى رواش لأسألها عن رؤيتها للمجتمع الروماني، خاصة أن الرواية رسمت ملامحه بطريقة جعلتني أشعر أنه يشبه إلى حد كبير مجتمعاتنا العربية في نظرته إلى الزواج والاستقلال. وكان من المهم بالنسبة لي أن أراجعها في هذه الصورة التي قدمتها، والتي أضافت عمقًا وصدقًا للرواية.

وتساءلتُ: هل كانت ليلى تعاني من متلازمة العش الفارغ فعلًا؟ أم أنها أم متعلقة بدورها، لا تريد الاعتراف بأن الأبناء قد كبروا وأن "المياه تمر من تحت يديها"، كما نقول في أمثالنا؟

الرواية طرحت هذه الأسئلة بصدق وعمق، دون إصدار أحكام، وهو ما جعلها تمسّ قلبي فعلًا. فهي تلامس مشاعرنا كأبناء، وكأمهات وآباء في مراحل مختلفة من الحياة.

شخصيًا، لامستني الرواية لأنني أقدّر مشاعر الأمهات بعد مغادرة الأبناء للمنزل. كثيرون يظنون أن الأهل ينالون الراحة بعد انتهاء رحلة التربية، لكن الواقع أن الكثير منهم يشعرون بالفراغ، وبأن وجودهم لم يعد محوريًا كما كان.

الرواية تسلط الضوء أيضًا على أهمية العلاج النفسي، من خلال شخصية الطبيبة النفسية، التي لم تعالج فقط حالة ليلى، بل قدّمت تحليلاً عميقًا للابن وعلاقته بأمه، ومدى تأثير قرارات الأهل على مسارات الأبناء.

🌟 ملاحظة أخيرة: شخصية هاني تستحق التقدير، فهو الزوج المثالي، المحب، الصبور، الداعم في صمت وحنان.

رواية العش الفارغ ليست فقط عن الهجرة أو الغربة، بل عن التحولات الإنسانية التي نعيشها داخل منازلنا، بين جدران الصمت، وفي أعماق العلاقات.