في رشفة من العطش، لا نقرأ نصوصًا، بل نرصد التواءات الروح حين تُصاب بندبة. أحمد ضياء لا يصف العالم، بل يبتكره من بقايا الخراب. يرسم الجمل ثم يترك لنا الحيرة لنكمل الحكاية. القصائد ليست وحدها التي تكتب، بل الشاعر نفسه يتكشّف في كل سطر، كأن كل بيت من هي خلية من دمه.

ما يفعله أحمد ضياء في هذا الديوان يشبه محاولة زراعة شجرة وهم في أرض تئن من الحقيقة. يمنح الكلمة لحمًا، ويترك للقارئ عظم المعنى. لا يشفق على اللغة، بل يدفعها إلى أقصاها، حتى تصرخ. وربما، لهذا السبب، بدت القصائد وكأنها لا تُكتب، بل تُنزَف.

لكن الأجمل، وربما الأقسى، أن هذا الديوان كجرحٍ في الهواء، أو كقبلةٍ لم تصل، أو كظلٍّ تاهت عنه قامته. وهذا ما جعلني أفهم: لم يكن هذا الكتاب عن العطش. بل عن الارتواء الذي لا يحدث أبدًا.