قصة حب داخل رواية أسطورية، من نسج قلبٍ عاشقٍ....
زينة وزينب، وقلب ملاك أصابته لوْثتان: الأولى لوثة الكتب والورق والثانية لوثة العشق، لأول مرة أقرأ كتابات رومانسية خيالية وأبتسم من لطافة وبراءة هذا الحب، إنه إلياس اختير في رحلةٍ غرائبية ليكون حارسًا لمقدساتٍ وجدانية، ولأنه شخصٌ يحب الحبَّ فلم يرتضِ لقلبه أن يكون بلا شريكٍ أو شريكةٍ للدقة، فاختارها زينة، ليهبها من فيض هباته، جناحان من نور ، نور الحب والعلم كليهما، ولتكون الشريكة والصديقة والبطلة.
آفاق نيتشه وعبد الرحمن الرومي وحيدر بطاطا، كلهم شخوص نسجها إلياس بخيوط الواقع وصبغها صبغةً خياليةً خاصة، وما أكثر الإسقاطات النفسية في هذا العمل البسيط؛ إذ اختار الكاتب اللغة لتكون مرآة شفافة عاكسة لروحه وفكره ومراده، واختار الشخصيات العديدة ليعبر عن صرخته في بساطٍ واسع يقيه ضيق الحياة ويعوضه ضيق نفسه بمتسعٍ يشفي جروحه، وكأنه أراد منا جميعاً أن نصمت لنسمعه، لننصت إليه بكل إصغاءٍ وعنايةٍ، ليقصّ لنا من هو منذ الطفولة حتى الشباب في صورةٍ ماتعةٍ وأكاد أجزم : إن هذه الرواية بسيطة غريبة .....مغامرةٌ شاملة تحمل بعض الرتوش الرومانسية الصادقة الخفيفة، فتشعر باللذة الصافية الشريفة وكأنك تسمع الحكاية من طفلٍ أو يافعٍ لا يرى الدنيا سوى مرجًا واسعًا من أعشابٍ نديّة فيري الحب من منظورٍ لم أره على المستوى الشخصي في عيون أي روايةٍ خاصةً لو كتبت بقلم رجلٍ متفلسف، أو مدعي فلسفة وفكر، فنراه بسيطا عفويا تلقائيا على غير عادة الوسط المزعوم.
حوّل علي الموسوي كل تفصيلة عادية إلى حبر وورق، كل نسمة هواء أو طائر أو عصفور أو جماد إلى حدوتة وقصة، أحال كل شيء إلى صيرورته الكامنة في خياله فعكس الكون ورقًا متدليا من حافة كتاب، والنوافذ كانت مقدمةً لرواية حبٍ، والحب كان قصيدة أنشدها الخلق في بداية نشأته، وكأنه نشأ وبدأ على الحب والسلام والقراءة وليس إلا، فساح بنا شرقا وغرباً سماءً وأرضًا .
سحرني بخياله الجامح، وعذوبة فكره وسيطرة الكتب عليه بشكل لا واعٍ.
❞ حين قفلت الشمس إلى مخدعها، وارتدت السماء ثوبها الأسود، وأُنيرت مصابيح الأعمدة، اقترب إلياس من المستشفى وحطّ على أعلى شجرة في حديقته. وحين نظر عبر النافذة، وجد كاتبًا منهمكًا في الكتابة،"
❞ وبمجرد أن يستعيد الكاتب عافيته يُعاد إلى سجنه ويُطلب إليه إكمال واجباته. وبعد مرور أشهر تقريبًا، انصاع كلّ الكتّاب للأوامر وبدأوا يكتبون ما يُطلب إليهم، فاكتظّت الحديقة بالكتّاب وهم يسيرون ويفكّرون، فقد سُمِحَ لهم بالتجمّع ومناقشة مواضيع ثقافية بحتة، لكن لم يكن مسموحًا لهم الاعتراض على وضعهم. ❝
هكذا كنت أنا مع علي الموسوي في أثوابٍ ملونة، وباهتة، ومزركشة، هكذا جبت بين الرافدين، وعشت في شوارع المتنبي والرشيد وحيفا، فأمتعنى تراثًا وفكرًا وصفاءً ومغامرةً، كنت أنا كما أنا في هذه القصة، ولم أرَ سوى كتبا وكتابا بين دفّتي عملٍ واحد، شربت الشاي الذي لم أحبه البتة، وأحببته فعندما يكون الشاي على مائدة الأدب والفن ومع كبار المبدعين وفي هذه الأجواء العميقة يكون ذا طعمٍ ومذاقٍ فريد.
إلياس حامي الحمى ومقوّض ممالك الجهل....ليته كان واقعاً ليحرق مهازلنا الآنية.
ريهام زاهر
الجمعة ١٦ فبراير ٢٠٢٥
الساعة الثانية ونصف بعد منتصف الليل
الغربية/ مصر