غداء في بيت الطبَّاخة > مراجعات رواية غداء في بيت الطبَّاخة > مراجعة دينا ممدوح

غداء في بيت الطبَّاخة - محمد الفخراني
تحميل الكتاب

غداء في بيت الطبَّاخة

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

من الصفحات الأولى تواجه جنديين في حرب لا تعرف ما بين من ومن ولكن تجد واحدًا باللون الرمادي واللون البني، الوان قاتمة، لا تشعر معها بالراحة وكذلك لا يشعرون هم، يتساءل عقلك هل ستكون الأحداث مؤلمة وقاسية كما حدث لهم في السطور الأولى بعد أن أصابوا بعضهم البعض واحدًا بسكين والأخر برصاصة؟ كنت متخوفة من ذلك، لا أحب قسوة الحرب وأتجنب القراءة عنها.

ولكن تجد في الصفحات التالية الأمر يختلف تمامًا من القسوة إلى المحبة، ومن الحرب إلى الحلم، ومن الجفاء إلى الصداقة، ومن القت.ل إلى الرغبة في الحياة، ويتحول الرمادي والبني إلى الطباخ ومدرس التاريخ.

في بقية الرواية تجد الكاتب يقدم ببراعة النظرة الكاملة من جانبين واحدًا منهم كان مختلف ومميز وللمرة الأولى يتحدث، الجانب الأول الذي قدمه الكاتب كان في الأشخاص داخل الخندق المدرس والطباخ الذين قدم كل منهم حياته في سطور فتشعر وكأنك تعرفهم جيدًا يكتبون الرسائل ويزرعون ويستمعون للموسيقى فتشعر بالحميمية والقرب منهم، وعلى الجهة الأخرى تجد صوت جديد وهو صوت الحرب، للمرة الأولى تتحدث الحرب عن كل ما يدور داخلها ❞ طفلة جوَّانِيَّة في مكان جوَّاني بداخلي. ❝

هل يمكن ان تكون الحرب مظلومة والبشر هم السبب؟ حروف جمعناها لتكوين فكرة مأساوية تمامًا أخذت في ذيلها الكثير من الأحباء والبلاد، هي نفسها تتساءل هل إذا ما بدأ البشر فوق كوكب جديد تمامًا ستبدأ نفس الأحداث ذاتها وسيحتاجون إليها في العمل؟ أم سيعيشون في سلام؟ لم تكن الحرب تكره السلام ولم تحبه، كانت دائمًا على الحياد معه ولكنهم لم يتقابلا قط.

أيام معدودة تجمع ما بين مدرس التاريخ والطباخ ولكنك تشعر إنها أكثر من ذلك بكثير، ربما بالفعل كانت أكثر ولكنهم لم يشعرون، في لحظات ما شعرت أن الجروح التي يعانون منها كانت تسبب لهم بعض التوهم، ولكن التوهم هو ما جعلهم يستمرون حتى لحظة الخروج.

الرواية من فئة السهل الممتنع، بسيطة وغير متكلفة من حيث اللغة وعميقة من حيث الفكرة وتنفيذها والتناغم ما بين حديث الجنديين وتعريف الحرب عن نفسها، فكرة أن تتحدث الحرب نفسها أعتقد أنني للمرة الأولى اقرأ من هذا المنظور وبتلك السلاسة التي تجعلك ربما تشعر بالعطف على الحرب التي لم تكن لها ذنب، ولكن الإنسان كان هو الذنب الأول على الأرض.

اسم الرواية كان معبر للغاية، فشعرت وكأنه كان نقطة الضوء في نهاية الممر، النقطة التي تعبر عن المستقبل الذي عاش الأبطال في انتظاره.

الغلاف بالنسبة لي لم يكن موفق إلا في وجود النوت الصغيرة فقط، ولكن هناك الكثير من التفاصيل التي كان يمكن استخدامها للغلاف حتى يكون معبر أكثر، مثل الذرة أو الراديو الصغير أو حتى اللون البني والرمادي.

*اقتباسات:

❞ لكن في الحرب لا اتجاه، ولا يمكنك أن تبقى بمكانك، ❝

❞ في الحرب لا يمكنك أن تعرف حتى ترى بعينيك، وعندما ترى بعينيك تتأكد أكثر أنك لا تعرف. ❝

❞ أنا أصنع قصصَ حب استثنائية في وقت عملي، أختار ذروات العمل بذاتها، تحت الرصاص والدخان والصواريخ والمدافع والقنابل، في هذا الجوّ الذي تصنعونه أُهَيِّئ أنا الجوّ لتنشأ قصصَ صداقة مَثَلًا، حب مَثَلًا، وعلاقات إنسانية لا تَخْطُر على بالكم، يمكنكم أن تلاحظوا المفارقة هنا: "لا تَخْطُر على بالكم"، وفي الوقت نفسه لا تكون إلا بكم. ❝

❞ "أمي.. أمي هي أحسَن طبَّاخ في العالم.. وبَطلة حياتي". ❝

❞ أن البطولة في الأشخاص العاديِّين، مَنْ نُسمِّيهم عاديِّين، مَنْ لا تَذْكُرهم الكتب، الأشخاص العاديُّون هم الحِبْر الذي تُكتَب به كتب التاريخ، لكنه لا يَكتب أسماءهم"، ... "لكن أسماؤهم، وقصصهم، رغم أيِّ شيء، تجد طريقها لتَبْقَى حَيَّة". ❝

❞ ورقة من كراس أو كتاب من المُحْتَمَل أن تعيش أطول من جثة إنسان، يتَحلَّل الإنسان بعَظْمِه ولحمه، وتبقى الورقة، ❝

❞ "أُفكِّر في أول إنسان تَلَقَّى رصاصة؟ إحساسه وقتها، آخِر شيء فكَّرَ فيه، آخِر صورة في عقله وقلبه، آخِر كلمة قالها، هل كان لديه وقت لينطقها؟ إحساسه بالشيء الغريب الذي اخترَقَه وصنَعَ فيه ثقب الدم، حُفرة الدم، أتوقَّع أن إحساس هذا الشخص يختلف عن إحساس كل مَنْ تَلَقُّوا الرصاص بعده، هو حالة مُتفرِّدَة، المسكين غالبًا لم يكن يعرف ❝

❞ "اُطْبُخ بحب، ومَنْ يأكل سيعرف" ❝

❞ "الطبخ هو أنْ تطهو بعض السعادة لغيرك". ❝

❞ "في الحرب، كلٌّ مِنَّا بالنسبة للآخر ليس بَشَريًّا، ليس موضوعًا إنسانيًّا، إنما موضوع للقتل". ❝

❞ "لَمَّا نكون في الحرب، نحتاج شيئًا نتمسَّك به، قصة تُذَكِّرنا بأنفسنا وحقيقتنا، أتساءل. كَمْ يحتاج الواحد مِنَّا وقتًا يَقضيه في الحرب لينسى نَفْسه وحقيقته، وينسى أن الآخرين بَشَر، ولا يكون قادرًا حتى على التمييز بين شخص أعزَل وشخص يحمل سلاحًا، كم يحتاج الواحد مِنَّا وقتًا في الحرب ليكون الجميع بالنسبة له أهدافًا للقتل، وينسى أن الناس ناس"، ❝

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق