*من الروايات التي ستقف أمامها حائرًا كيف يمكنك تقيمها أو كتابة مراجعة عنها أو حتى منحها عدد بعينه من النجوم التي قد لا تكون وافية لكل ما جاء فيها.

*الرواية تتناول أربع مسارات للأحداث في أزمنة مختلفة ويفرق بينهم سنوات طويلة تبدأ من قدماء المصريين من عصر أخناتون وحتى عام 2015.

في بداية الرواية تجد أنك في عام 1095 والتي تبدأ فيها الحرب الصليبية والتي للمرة الأولى يظهر مفهومها ومفهوم صكوك الغفران.

الفصل التالي تجد نفسك مع أرني الشاب الذي يذهب مع حسن الصباح إلى قلعة آلموت بإرادته الحرة ليصبح من الأسماء الرنانة في أصفهان لما سيفعله تاليًا.

تأخذك الرواية في الفصول التالية إلى الشاب سعيد الذي يبدأ العمل مع الجمال والقوافل، ليهرب في النهاية ويذهب إلى آلموت أيضًا وكأنها السبيل لكل من لا سبيل له، فيجد حسن الصباح الذي يعرف نفسه بأن الله يتكلم من خلاله ويدعو الأخرين لأتباعه ومذهبه أو طريقته وهي الطريقة النزارية، فتجد أنك أمام قلعة الحشاشين التي تريد أن تعرف كيف بدأت وإلى ماذا ستنتهي، وهي الحكاية الأقرب إلىّ في الرواية والتي وددت البحث عنها أكثر.

-فجأة يأخذك الكاتب في الفصل التالي إلى عام 2015 ليعرفك على الشاب العربي علي وأسرته الذين هاجروا إلى باريس والفتاة الجميلة ليز التي أحبها هناك، ويبدأ في التعرف على جدها ماتيو الموجود في دار للعجزة والذي سيعرفه على مسلسل يتحدث عن الحرب الكورية لا يعرف علي عنه شيئًا.

ولكن صديق الجد ماتيو لا يتركه ويأخذه هو الأخر في رحلة ليحكي له قصة أخناتون من عهد ما قبل الميلاد وكيف فكر في توحيد الآلهة إلى أتون وحده.

*في كل فصل يمنحك الكاتب قطعة من البازل، ستفكر أين يمكنك أن تضعها، ستتركها جانبًا ربما تعرف مكانها تاليًا فتجد أن القطع تتراكم جوارك ولكنك في النهاية ستستطيع أن تضع كل واحدة منهم في مكانها بالتحديد كما كتب لها، الحقيقة أن القطعة ستذهب وحدها للتموضع في مكانها دون أدنى تدخل منك، التاريخ الذي كُتب منذ سنوات طويلة مُرتب ومسير في الكثير من الأحيان بطريقة قد تعتقد أنها مبهرة وغريبة، ولكن بالتأكيد لا شيء يحدث صدفة مطلقًا.

*في لحظة ما شعرت أن الكاتب يحكي لي (من كل فيلم أغنية) كما قولت لأصدقائي الذين بدأت معهم قراءة الرواية، وكنت أنتظر أن أجد الربط بشكل ما في الأشخاص داخل الرواية، ولكن الحقيقة أنني لم أجد الربط أبدًا في الأشخاص ولكنه كان في فكرة بعينها سيطرت على كل أحداث الرواية وما نتج عنها، عن أن الدين يأتي من منظور الأخرين ومن مفهومهم وليس كما قال الله في كتبه السماوية جميعها، أن الخطأ لم يكن في الشخص نفسه مطلقًا فحتى مع اختلاف الأشخاص على مر العصور ستجد المشكلة والخطأ كان في الفكرة والرغبة في السيطرة ومفهوم الدين في حد ذاته لكل منهم.

*في بعض الأحيان شعرت أن هناك أجزاء مملة في الرواية وكنت أنهيها بصعوبة، وفي أحيانً أخرى كانت هناك أجزاء مهمة وفي موضعها وتفاصيلها التي تحتاجها الرواية، الرواية ليست تاريخية في المقام الأول من وجهة نظري ولكنني يمكنني أن أعتبرها فلسفية ومثيرة للتساؤلات، من المستحيل أن تنهيها دون أن تبدأ في عملية بحث مطولة عن الكثير من التفاصيل التي ذُكرت فيها. لذا يجب توضيح أن بعض المعلومات في الرواية وجدتها غير صحيحة منها على سبيل المثال أن اخناتون أو امنحتب الرابع ولد أعمى ولكنني عند البحث لم أجد أي معلومة تثبت صحة ذلك، فشعرت بالخلل في كل ما جاء في أحداث الرواية ولهذا بعض الروايات لا يجدر أخذها على محمل التوثيق أو باعتبارها كتب تاريخ وروايات أخرى هي كذلك.

*اتقان ترجمة هذه الرواية يستحق أن يأخذ في تقيم الرواية نجمة وحده عن جدارة، من أفضل الترجمات التي قرأتها وشعرت وكأنني اقرأ الرواية بلغتها الأصلية وأنها في الأصل مكتوبة باللغة العربية وليست مترجمة من الأدب الأرمني، على الرغم من شعوري بالملل في بعض اجزاءها كما ذكرت ولكنني أنصح بقراءتها فهي تستحق سواء من حيث الفكرة أو الربط بين الأحداث أو جودة ترجمتها.

*اقتباسات:

-❞وأدرك “الحسن الصبَّاح” أهمية الدين كقوة دافعة؛ فالمؤمن سيقتل مجانًا ولن يخشى الموت، ولا يمكن لجدارٍ عالٍ ولا لجيش من الحراس إنقاذ الضحية التالية. ❝

-❞إن قوة الحقيقة أكبر بكثير مما تتخيلون.. الناس ليسوا مستعدين لسماع الحقيقة وعادة ما يفاجئون بها”. ❝

-❞المشكلة ليست في تأثير الكذب، بل في غياب الحقيقة؛ فالناس يميلون إلى إخفاء الحقيقة، ثمة تقاليد اجتماعية تحجب الحقيقة.. ❝