Walaa Kamal

كوش كو

الدار المصرية اللبنانية

اول مرة اكسر عادة عدم القراءة في رمضان كي اكمل هذا العمل

الرائع الذي يستحق كل الوقت الذي استمتعت فيه بحياة

كوش كو الثرية بخلفيته النوبية التي استعرض بها الكاتب ببراعة تاريخ النوبة بتعبير غاية في البراعة والاكتمال حيث قال انها حلقة الوصل والرقعة المشتركة التي مدت ذراعاً هنا وذراعاً هناك وأبقت على كلا البلدين (مصر والسودان)مترابطين

وكيف حكى تاريخ مصر 🇪🇬 بكل تفاصيله بدقة بالغة تكاد تراها تتجسد امام عينيك على الصفحات بداية من عام ١٩٠١م حين لم يكن كوش بعد تخطى عامه العاشر ليبدأ حياته في فندق 🏨 شبرد ارقى فنادق القاهرة ليتفوق ذهنه على المغامرة والمحبة للمعرفة والثقافة في كل المجالات والاتجاهات التي احبها عن طريق طه الذي يماثله في العمر طه حسين وضعه القدر في طريقه ليكون نقطة تحول في حياته تدفعه نحو التقدم والازدهار وانه ليس مجرد خادم بل هو قادر على تغيير واقعه نهمه وحبه للمعرفة والاكتشاف والتمرد على الخنوع والاستسلام مهما كانت جهات المعارضة

نقطة التحول الثانية كانت وهو بعد بالخامسة عشر حين التقى آجاثا ميلر التي لاقت فيه القدرة على الاستيعاب والتعلم وحب المعرفة فأخذت على عاتقها مسؤولية تعليمه القراءة والكتابة والتي ظل مدين لها طول عمره بهذه الهدية التي أخذ في تنميتها ليقرأ روائع الادب العالمي ويتذوق جماليات اللغة وعظمتها ليلتقي بعدها على مشارف الخمسين من العمر ملكة كتابة الجريمة في العالم والتي اعتقد انها نسيته ولكنها بذكاء رداً على مدير فندق الجزيرة بالاس ان من سيقوم على خدمتهم ارقى من خدم في بيوت الرؤساء وكبار القادة الإنجليز و السياسيين المصريين والزعماء لتقول له يبدو انك تعلمت على يد معلم محترف ليقول لها بل الافضل على الإطلاق لتفاجئ الجميع بإحتضانه علانية وهي آجاثا كريستي ملكة كتابة ✍️ الجريمة في العالم 🗺️ ليضيف كوش علامات مضيئة اكثر لسجله المتخم بالمشاهير من احب منهم ومن لم يحب ولكن خدم الجميع بإخلاص وتفاني علمه إياه الخال وخولي اللذين اكتشف انضمامهم للجمعيات الثورية المناهضة للاحتلال حين وضعوه في بيت كيتشنر و غيره من الشخصيات التي اثرت بشكل مباشر في تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر

كيف دخل بيت الأمة وحكاياته الشيقة التي تمس شغاف القلب عن الزعيم سعد زغلول

معرفته بنجيب الريحاني وكيف تغلغت بداخله أهمية الفن كرسالة قد تحرك همم الشعوب

حكاياته مع العالم الكريه الذي كان يجري تجارب على بني جنسه كانهم مواطنون اقل درجة في حرب عرقية لا تمت للإنسانية بصلة اقة في محاولة لوقف نسل معين ومنع تكاثره

هتلر و موسوليني ورودلف هِس وروزفلت وفرانكلين وهدى هانم شعراوي وخضر التوني وفريق المنتخب المصري وجهازه الفني وغيرهم من الشخصيات التي مرت بماضي كوش المتمثل في حياة متكاملة تأخذك بين طياتها لتعيش معه حيوات عديدة مفعمة بالحماس والشغف ثم يعود لجذور ليبث نور المعرفة التي حصل عليها على مدار سنوات عمره للجيل الجديد من خلال منزله الذي جعله قبلة للمعرفة والعلم والفنون المختلفة

ثم تجئ الكوليرا لتطفئ جذوة الحماس وينتشر الخوف ويقع كوش كو ضمن دائرة المرض ولكن يظل تاريخه وصنيعه باقياً

اقتباس:

ان وجودك في بيت السيد يجعلك فرداً من عائلته، والرجل المحترم يحفظ أسرار عائلته ولا يلوكها على الألسنة.

إياك أن تسمح لأي أحد بتجاوز حدوده معك مهما يكن، طوال ستين عاماً لم أقابل شخصاً واحداً قلل من أحترامي، لأني لم أترك لهم.

لم يكن هناك اي فن آخر يثير فضوله تكفيه الكتب والمجلات، ومواصلة تعلم العربية والإنجليزية.

يستوعب جيداً ان بلاده رهينة لدى السادة الإنجليز.

بداخله يقين لا شك فيه أن خاله قد مات…أو تلاشى باحثاً عن عرابي. هذه نهاية تليق بأسطورية صمته الطويل.

ياله من ثمن فادح ذاك الذي تتطلبه التضحية من أجل الوطن.

من أعراض الإنهزام الروحي التي مُني بها كوش كانت توقفه تماماً عن القراءة.

ما سيعيده لصوابه عن حق هو عودته لامتلاك الامل.

فإنه مثل مصر لا يزال تائهاً.

مات سعد وترك ليس فقط كوش يتيماً، ولكن الأمة بأسرها.

أجاثا هي السيدة الأعظم التي خطت بيدها رواية.

رحى الزمان تدور ولا ترحم.

كان كوش لا يزال اكثر من مجرد خادم للبيض، كان تاريخاً يسير على قدمين.

خاصة ان ثلاثتهم قد زال عنهم عنفوان الشباب وباتت الرفقة الطيبة هي سر ختام الحياة.

المعرفة تؤلم كثيراً ربما.

شكر 🙏 ولاء كمال على هذا العمل العظيم وعلى السرد الممتع والبحث المضني الذي ظهرت نتائجه تتلألأ على الصفحات

بهدوء هادر ووضوح متمثل تماماً كأنك تراه❤️❤️❤️

جاء الغلاف معبر تماماً عن الموضوع ورسم الزي بصورة تماثل ما كان عليه الواقع تماماً شكراً للفنان المحترف آدم عبدالغفار👏👏👏

واخيراً شكر خاص للدار المصرية اللبنانية على التدقيق وإخراج الأعمال بهذه الروعة 👏👏👏👏