صدق الكاتب حين قال ..

< الموتى لا يكذبون .. يخبرونك بالحقيقة.. أو فقط يصمتون >

يجذبك اسم الكتاب من الوهلة الأولى وتشهر برهبة حين تتخيل ميتا ينظر اليك من داخل المشرحة ويقول لك شكرا ..

كبشر عاديين ربما نفقد الوعي.. ولكن ك طبيب شرعي ..

فقد اعتاد المرور بين ثلاجات الموتى في المشرحة صباحا ومساءا ..

وربما اعتاد ايضا ان تقرر احدى الجثث زيارته في الحلم مساءا لتعبر عن ضيقا او خوف .. او لتهديه طرف خيط يستدل منه علي اشاره بما اودى بحياتها ..

اذا سألتني هل صدقتي بأن الموتى حقا ربما يأتون في الاحلام .. نعم صدقت وبشدة .. لأن كثيرا من القلوب الصادقة يرسل الله لها رؤى ورسائل تعينهم علي تأدية رسالتهم وواجبهم ..

فما بالك ب طبيب شرعي .. سيتوقف على تقريره أخذ او ضياع حقوق موتى .. اصبحوا جثثا هامدة في ثلاجات المشرحة..

لن استطيع القول بأن القضايا مسلية وانما هي مرهقة حد الألم .. حد المرارة والوجع .. حد البكاء احيانا .. فكيف للموت والجثث والمشرحة ان تكون خفيفة او مسلية ..

راقني السرد والاحداث لكل القضايا وتفاصيلها وكيف تم اكتشاف الجناة الحقيقين ..مع كل قضية كنت اشعر بعاصفة من المشاعر تضرب قلبي .. حينا أكره قلوبا فقدت كل معاني الرحمة .. وحينا أبكي لمرارة هذا العالم الذي يحرمنا ممن نحب بدون ذنب .. وحينا أسخط علي النفوس الخبيثة التي تتلون لتأخذ حقوقا ليست لها .. وحينا لا استطيع استيعاب او ادراك ان هذه قصة حقيقية .. هل هؤلاء بشر.. هل يشعرون .. بالطبع لا .. لأن هناك اناس نراهم حولنا ولكنهم موتى منذ زمن .. اتعلم .. هم موتى اكثر من ممن يرقدون في ثلاجات المشرحة ..

بعد مرورك بهذه الرحلة الشائكة مع الكاتب د . محمد جاب الله .. ستشعر ب ثقل الحمل علي عاتق الطبيب الشرعى .. والذي أخبرنا في كتابه

< وعندما يصمت الموتى .. أكون انا لسانهم الناطق >

ستدرك بأنه يشعر ويتألم ويحاول جاهدا الحفاظ علي أعصابه ومشاعره ليؤدي عمله باتقان ودقه ..

قد اخذ الخط الدرامي لمسلسل < زينهم > من احداث هذا الكتاب من شده روعته .. وكما راقني الكتاب .. راقني المسلسل .. والفارق بانهم في المسلسل اضافوا بعضا من الاحداث الدرامية للتشويق وخفة الظل .. وفي ظل تشويق المسلسل .. ستجد انك مع كل صفحة تطويها في الكتاب تزداد شوقا لترى ما سيحدث بعد ذلك ..

ارفع للكاتب القبعة علي حسن انتقاء القضايا وسرد الأحداث المشوق وبالتأكيد سألتقى بالكاتب مرة أخرى مع كتاب جديد من أعماله ..