ماذا لو كانت هناك علاقة بين طرفين كلاهما هش ومضطرب نفسياً ؟ ماذا لو كان كلاهما يشعران بالدونية طيلة الوقت ؟ دونية نابعة من تراكمات على مدار تجارب عديدة تسببت فى تشوه كلاهما نفسياً.

بالطبع ستكون علاقة سامة ومدمرة خاصة على الطرف الأكثر هشاشة. هذا هو موضوع هذا الكتاب - لن أقول رواية - الذى يتحدث عن فتاة مشوهه نفسياً تعيش علاقة سامة مع شاب مشوه نفسياً هو الأخر.

نعيش مع يومياتها التى تكتبها فى محاولة منها للتعافي والخروج من هذه العلاقة واستعادة نفسها وحياتها بشكل طبيعي.

كم مهول من الاحساس بالدونية خاصة عند الفتاة جعلها تخضع لحبيبها خضوعاً تاماً. هو أيضاً على نفس شاكلتها لكنه استطاع تعويض ما يشعر به من نقص على حسابها. نجح فى السيطرة عليها تماماً وتشويهها وتسميم أفكارها ومسح شخصيتها فأصبحت كخرقة باليه لا تصلح للاستخدام بعد ذلك.

الفتاة نتيجة هذه العلاقة أصبحت تشعر بأنها المُخطئة دائماً وتحتاج للتبرير طيلة الوقت ، لا تستطيع اتخاذ أى موقف بدون الرجوع إليه ، لا قيمة لها إلا عندما تكون بجواره ، تنهار بمنتهى السرعة عندما يهددها بتركها والرحيل عنها ، تتقبل الإهانة والتجريح على مرأى ومسمع من الجميع بدون اتخاذ أى موقف لحفظ كرامتها بل تسارع هى للإعتذار خوفاً من أن تظل وحيدة ومنبوذة وغير مرغوبة ، لمسة ماسوشية بدون شك.

هذه اليوميات كانت رغم قسوتها وتذكيرها بما مرت به كانت هى السبيل للخروج من هذا المستنقع الذى وقعت فيه. من رحم المعاناة يولد الأمل بكل تأكيد.

شخصياً يعجبنى هذا النوع من الكتابات النفسية حتى وإن لم يكن فى شكل رواية بالمعنى التقليدى الذى نعرفه جميعاً.

أكثر ما أعجبنى هو اسقاط ما يحدث فى العلاقات السامة بين الأفراد على ما يحدث فى عالم الحيوان والحشرات. نقطة أضافت الكثير من الجمال للكتاب بعيداً عن استخدام مصطلحات نفسية جافة أو معقدة لن يفهمها إلا المتخصصين.

تجربة أولى جيدة جداً مع الكاتبة بكل تأكيد ، وسأسعى لقراءة أعمال أخرى لها للتعرف عليها أكثر وأكثر.