◾اسم الكتاب : باكون ومضحكون

◾اسم الكاتب : محمد حليم

◾نوع الكتاب : سيرة ذاتية، تاريخي

◾اصدار عن دار الرسم بالكلمات للنشر والتوزيع

◾عدد الصفحات : ٢٤٣ صفحة على أبجد

◾التقييم : ⭐⭐⭐

"الحياة كما أنها أحيانًا عظيمة في العطاء، ففي أحيانًا أكثر مثال على العظمة في الجفاء.. والزمن كما هو صديق مقرب، فهو أيضًا عدو لدود".‏

- محمد حليم

على غرار هذه المقولة المُعبِّرة، يبني الكاتب محمد حليم كتابه بعنوان (باكون ومضحكون)، وهو عنوان يحمل من التضاد ما يحمل من الواقعية الدالة على غدر الزمن ولعبة الأيام.

فالكاتب يتحدث في كتابه عن السير الذاتية والتاريخية للفن وأشهر الفنانين في الفترة من ثورة ١٩١٩ وحتى ثورة ١٩٥٢ وما بعدها، وكيف كان الفن مرآة للشعب، معبراً عنه، وصوتاً له، كان رسالة يُحسن استغلالها وتقديمها، في وقت كان فيه الفنانون علامات هامة لدى الشعوب، يُشار لهم والي ما أنجزوه، لقد كان عصراً ذهبياً في تاريخ الفن المصري، وشهد ازدهار هذه الصناعة التي كانت سلوان الشعب وقت الحرب قبل وقت الرخاء، ولكن.. كما كانت السينما بين دراما وكوميديا، كانت حياة أبطالها خلف الستار هكذا أيضاً، بل انه في بعض الأحيان غلبت الدراما الكوميديا فيها، وباتت دموع خلف الكواليس وضحكات أمام الكاميرات، وهذا ما يُركِّز عليه الكاتب في كتابه.

الكاتب يُناقش حياة أشهر الفنانين والفنانات المصريين وما تعرَّضوا له من مآسٍ خلال حياة لم تكن عادلة معهم بالمرة؛ مؤكداً على تقلُّبات الزمن وغدره، ليبدأ الكاتب حديثه عن حياة أشهر كوميديانات السينما المصرية وكيف انقلب بهم الحال من النقيض الي النقيض، وما عاصروا من مآسي في سبيل الحفاظ على فنِّهم ورسالتهم، وكيف انقلب رغد العيش إلى فقر وحاجة، أمثال زينات صدقي، وعبد الفتاح القصري، وعلى الكسَّار...، هذه الشخصيات الذين لم نراهم سوى ضاحكين مبتسمين ولكن واقعهم كان أقسى من أدوارهم.

لينتقل بعد ذلك للحديث عن يهود السينما المصرية، وكيف لا؟! والسينما المصرية في هذه الفترة كانت تمتاز بكثرة عدد اليهود سواء ممثلين أو مخرجين أو حتى مؤلفين، فقبل انشاء الكيان الإسـرائيـلي كان عناصر الأمة مسلمون ومسيحيون ويهود يعملون الي جوار بعضهم بعضا في وحدة حقيقية، وأكبر مثال على ذلك هو وفاء هؤلاء اليهود لمصر الي النهاية ورفضهم الاعتراف بدولة الكيان او حتى الهجرة إليها، بل ان واحد منهم مات قهراً بعد اعلان دولة الكيان الاسـرائـيلي على أرض فلسطين الحبيبة... وأخيراً يعرض الكاتب أمثلة لفنانات تركن لغزاً بعد رحيلهن، وأبرزهن كانت سعاد حسني.

◾رأيي في الكتاب :

الكتاب يُعرف من عنوانه ويُقرأ من غلافه، وهذا ما انطبق على كتاب (باكون ومضحكون)، فبمجرد قراءة عنوان الكتاب استطعتُ التكهُّن بمحتواه، وقد صحَّ توقُّعي، أهوى تلك الكتب التي تدور حول حياة الفنانين والمثقفين، خاصة في فترة ما قبل ثورة يوليو وما بعدها، نظراً للتأثير العظيم الذي تركته الحياة السياسية على الفنون كافة، بل واستخدام هذه الفنون للتعبير عن الشعب وآرائه، والحكومة واتجاهاتها، الكتاب لا يستفيض في الحديث عن سيرة ذاتية بعينها، وإنما يعرض مقتطفات من حياة الشخصية ويظهر ما حصدت من افراح واحزان؛ مؤكداً ان الحياة لا تسير علي وتيرة واحدة، ولا تمنح الإنسان كل شيء، لقد قرأت كثيراً بصدد المواضيع التي تناولها الكاتب، وقرأت عن السير الذاتية لمعظم الفنانين الذين عرض الكاتب حياتهم، وبرغم معرفتي المُسبقة بمعظم الشخصيات إلا أن اسلوب الكاتب دفعني لإكمال الكتاب، ولكن كنت أنتظر الحديث عن شخصيات أخرى أمثال اسماعيل يس، و ميمي شكيب، ونجمة ابراهيم.

كتاب خفيف وشيق، مناسب لمحبي السير الذاتية والسينما على وجه الخصوص.

◾الغلاف :

في رأيي.. يُعتبر غلاف الكتاب واحد من عناصر تميُّزه، فهو غلاف على قدر بساطته على قدر إبداعه وما يحمله من نوستالجيا وكلاسيكية نابعة من صور الفنانين عليه، ومن خلاله يسهل توقُّع محتوى الكتاب وهدفه.

◾الأسلوب :

اعتمد الكاتب اسلوباً بسيطاً مميزاً يعتمد على تقديم مميزات كل شخصية ونبذة عن بداية حياتها وصولاً للتألُّق، ثم يختمها بالمآسي والآلام، وبرغم كثرة الكُتب التي تتحدث عن المواضيع الثلاث التي تناولها الكاتب سواء (الباكون الضاحكون او اليهود الأوفياء او ألغاز وفاة الفنانين)، إلا أن الكاتب نجح في تقديمهم بصورة شيِّقة بسيطة تدفع الملل عن القارئ.

◾اللغة :

اعتمد الكاتب لغة عربية فصحى خالية من التكلُّف والمغالاة، تعتمد على حُسن صياغة الألفاظ والعبارات، واستخدام بعض التراكيب البيانية المناسبة لما يتطلبه النص، وقد دعم الكاتب لغته ببعض العبارات العامية المنقولة عن الشخصيات، مما أضفى جواً وروحاً كلاسيكية على الكتاب.

◾اقتباسات من الكتاب :

📌"المنظمات الصهيونية في تلك الفترة عملوا على الاستثمار في السينما ودور العرض لخدمة أفكارهم السامة وبدء حث أبناء طائفتهم على الهجرة إلى فلسطين من خلال إقناعهم بواسطة الفنون.‏"

📌"ولأن العنصر الرئيسي في الفن هو الإبداع والإبداع روحه وبيئته الخصبة الحقيقية هي المعاناة.. من هنا تكمن مشكلة الفن الحقيقية الآن وهو اقتصاره على أناس طبقة بعينها لم يروا أي شكل من أشكال المعاناة.‏"

📌"والإنسان صراعه النفسي في الحياة، يكمن في درجة الشقاء لتحقيق رغباته."

#باكون_ومضحكون #محمد_حليم

#دار_الرسم_بالكلمات

#مراجعات_هدير #قراءات_2024